ا‏لتنبیه ا‏لأوّل‏: فی ا‏لتفصیل بین ا‏لشرائط وا‏لموانع فی وجوب الاحتیاط

التنبیه الأوّل : فی التفصیل بین الشرائط والموانع فی وجوب الاحتیاط

‏ ‏

‏لا فرق فی وجوب الاحتیاط فی أطراف الشبهـة المحصورة بین الشبهـة‏‎ ‎‏الحکمیّـة والموضوعیّـة ، ولا فی الموضوعیّـة بین التکالیف النفسیّـة والغیریّـة ،‏‎ ‎‏ولا فی الثانی بین الشرائط والموانع ، فیجب تکرار الصلاة إلی أربع جهات مع‏‎ ‎‏اشتباه القبلـة بینها ، وفی الثوبین المشتبهین بالنجس .‏

‏وربّما یقال بعدم وجـوب الاحتیاط فی مـورد الشبهـة الموضوعیّـة‏‎ ‎‏فی الشرائط والموانـع ، کما هـو المحکی عـن الحلّی فـی السرائر حیث ذهب‏‎ ‎‏إلی وجوب الصلاة عاریاً فی مثال الثوبین‏‎[1]‎‏ ، ولعلّـه لدعوی سقوط الشرط‏‎ ‎‏والمانع عن الشرطیّـة والمانعیّـة ، ولکن هذه الدعوی ممنوعـة ، لأنّها بلا بیّنـة‏‎ ‎‏وبرهان ، هذا .‏

‏وحکی عن المحقّق القمّی‏‎[2]‎‏ التفصیل بین ما یستفاد من مثل قولـه ‏‏علیه السلام‏‏ :‏‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 165
‏« ‏لاتصلِّ فی ما لا یؤکل‏ »‏‎[3]‎‏ وبین ما یستفاد من مثل قولـه : « ‏لا صلاة إلاّ‎ ‎بطهور‏ »‏‎[4]‎‏ ، فذهب إلی السقوط فی موارد الاشتباه فی الأوّل دون الثانی ، هذا .‏

‏والوجـه فی ذلک هو أنّ أطراف العلم الإجمالی عند هذا المحقّق تکون‏‎ ‎‏محکومـة بحکم الشکّ البدوی ؛ لأنّ مذهبـه عدم منجّزیـة العلم الإجمالی‏‎[5]‎‏ .‏

‏وحینئذٍ فیتّجـه التفصیل بین الشرائط والموانع ، کما هو الشأن فی موارد‏‎ ‎‏الشکّ البدوی ، لأنّ الشرط یجب إحرازه لتوقّف إحراز المشروط علیـه ، وأمّا‏‎ ‎‏المانع فیکفی فیـه مجرّد الشکّ فی تحقّقـه ، ولا یلزم إحراز عدمـه ، هذا .‏

‏واحتمل المحقّق النائینی ـ علی ما فی التقریرات ـ أن یکون الوجـه فی هذا‏‎ ‎‏التفصیل قیاس باب العلم والجهل بالموضوع بباب القدرة والعجز ، ثمّ أورد علیـه‏‎ ‎‏بأنّ هذا القیاس لیس علی ما ینبغی ، فإنّ القدرة من الشرائط لثبوت التکلیف ،‏‎ ‎‏والعلم بالموضوع أو الحکم من الشرائط لتنجّز التکلیف ، والمفروض أنّـه قد علم‏‎ ‎‏بحصول الشرط بین الأطراف ، فلا موجب لسقوطـه‏‎[6]‎‏ ، هذا . ولا یخفی فساد أصل‏‎ ‎‏الاحتمال وکذا الإیراد .‏

‏أمّا الاحتمال ، فلأنّ هذا القیاس لا یقتضی التفصیل بین الشرائط والموانع ،‏‎ ‎‏لأنّـه لو کان الجهل بالموضوع کالعجز فلا وجـه لثبوت التکلیف مطلقاً ، شرطاً‏‎ ‎


کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 166
‏کان أو مانعاً ، ولو لم یکن کذلک فلا وجـه لسقوطـه کذلک .‏

‏وأمّا الإیراد ، فلما مرّ غیر مرّة من أنّ القدرة لا تکون من شرائط ثبوت‏‎ ‎‏التکلیف ، بل العجز عذر عقلی ، وهکذا الجهل وغیره ، لعدم انحلال الخطابات بنحو‏‎ ‎‏العموم إلی الخطابات الشخصیّـة حتّی لا یعقل توجیهها إلی غیر القادر والجاهل‏‎ ‎‏ونحوهما . فالوجـه فی تفصیل المحقّق المزبور ما عرفت ، فتدبّر .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 167

  • )) السرائر 1 : 184 ـ 185 .
  • )) الظاهر من عبارة القوانین خلاف ذلک . راجع قوانین الاُصول 2 : 38 / السطر 19 .
  • )) راجـع وسائل الشیعـة 4 : 346 ، کتاب الصلاة ، أبواب لباس المصلی ، الباب 2 ، الحدیث 6 و7 .
  • )) تهذیب الأحکام 1 : 49 / 144 ، وسائل الشیعـة 1 : 365 ، کتاب الطهارة ، أبواب الوضوء ، الباب 1 ، الحدیث 1 .
  • )) قوانین الاُصول 2 : 25 / السطر 3 .
  • )) فوائد الاُصول ( تقریرات المحقّق النائینی ) الکاظمی 4 : 135 .