تنبیهان :
الأوّل : أنّـه بعد الحکم بعدم تأثیر العلم الإجمالی فی الشبهـة الغیر المحصورة هل تکون الأطراف محکومـة بالحکم المترتّب علی الشکّ البدوی ، فلا یجوز التوضّی بالمائع المشتبـه بین الماء والبول بالشبهـة الغیر المحصورة ـ کما هو الشأن فی المشتبـه بالشبهـة البدویّـة ـ ضرورة لزوم إحراز کون ما یتوضّی بـه ماءً مطلقاً ، أو تسقط الأطراف عن حکم الشکّ البدوی أیضاً ، فیجوز الوضوء بالمائع المردّد بین الماء والبول فی المثال ؟
وجهان : مبنیّان علی الوجهین السابقین اللذین استند إلیهما لنفی وجوب الاحتیاط فی الشبهـة الغیر المحصورة .
فإن کان المستند فی ذلک هی روایات الحلّ فلایجوزالتوضّی بـه فی المثال ؛ لأنّ مدلولها مجرّد الحلّیـة فی مقابل الحرمـة ، وأمّا إثبات الموضوع وأنّ
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 144
الحلال هو الماء فلا تدلّ علیـه أصلاً ، کما هو الشأن فی الشکّ البدوی ، کمالایخفی .
وأمّا لو کان المستند هو الوجـه الأخیر الذی مرجعـه إلی وجود أمارة عقلائیّـة فی کلّ واحد من الأطراف فتسقط عن حکم الشکّ البدوی أیضاً ؛ لأنّ الأمارة قائمـة علی عدم کون کلّ واحد منها هو البول والمفروض اعتبار هذه الأمارة شرعاً ، فکلّ واحد من الأطراف محکوم شرعاً بعدم کونـه بولاً ، فیجوز التوضّی بـه ، هذا .
ولا یخفی : أنّـه بناءً علی ما أفاده المحقّق النائینی من الوجـه لعدم وجوب الاحتیاط فی الشبهـة الغیر المحصورة ـ وهو أنّـه لا تکون المخالفـة القطعیـة بمحرّمـة ، لعدم القدرة علیها ، ووجوب الموافقـة القطعیّـة فرع حرمـة المخالفـة ، فإذا فرض عدمها لا تکون الموافقـة أیضاً واجبـة ـ لابدّ من الالتزام بکون حکم کلّ واحد من الأطراف هو حکم الشکّ البدوی ، کما هو واضح ، مع أنّـه ذکر الفاضل المقرّر أنّـه کان شیخـه الاُستاذ مائلاً إلی سقوط حکم الشبهـة أیضاً فتدبّر .
الثانی : أنّک عرفت أنّ روایات الحلّ لا تشمل الشبهـة الغیر المحصورة الوجوبیّـة ، لانحصار موضوعها بالمختلط من الحلال والحرام . نعم الوجـه الأخیر یشمل الصورتین معاً . وحینئذٍ فلو نذر أن یشرب من إناء معیّن واشتبـه بین
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 145
الأوانی الغیر المحصورة وخرج جمیع الأطراف عن محلّ الابتلاء وبقی واحد منها فقط فلا یجب الشرب من الإناء الذی هو محلّ للابتلاء ؛ لقیام الأمارة العقلائیـة علی عدم کونـه هو الإناء الذی نذر أن یشرب منـه ، بعد کون احتمال أنّـه هو ذلک الإناء ضعیفاً لا یعتنی بـه عند العقلاء .
نعم لو کان متمکّناً من الشرب من الأوانی الکثیرة التی نسبتها إلی مجموع الأوانی الغیر المحصورة نسبـة المحصور یجب الاحتیاط بالشرب من جمیع ما یتمکّن من شربـه ، والسرّ أنّ ترک الشرب من مجموع ما یتمکّن مـن شربـه لابدّ وأن یکون مستنداً إلی الأمارة العقلائیّـة ، ضرورة أنّ العلم الإجمالی یقتضی الموافقـة القطعیـة مع القدرة ، والاحتمالیّـة مع عدمها ، والمفروض أنّ الأمارة العقلائیّـة لا تکون قائمـة علی عدم کون الإناء المعیّن الذی نذر الشرب منـه فی جملـة الأوانی التی یتمکّن من شربها ؛ لأنّ نسبـة هذه الأوانی إلی الجمیع نسبـة المحصور ، والأمارة لا تکون قائمـة إلاّ فی غیر المحصور ، کما لایخفی .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 146