مقتضی ا‏لقاعدة عند ا‏لشکّ فی کون شبهة محصورة أو غیر محصورة

مقتضی القاعدة عند الشکّ فی کون شبهة محصورة أو غیر محصورة

‏ ‏

‏ثمّ إنّـه لو شکّ فی کون شبهـة محصورة أو غیرها من جهـة المفهوم أو‏‎ ‎‏المصداق فهل القاعدة تقتضی الاحتیاط أم لا ؟‏

‏ولنتکلّم فی ذلک بناءً علی الوجهین الأخیرین اللذین یمکن الاستدلال بهما‏‎ ‎‏لنفی وجوب الاجتناب فی الشبهـة الغیر المحصورة ، وإن کان الاستناد إلی کلّ‏‎ ‎‏واحد مستقلاًّ ، لا یخلو عن الإیراد ؛ لعدم وفاء الروایات بتمام المقصود ، لأنّها لا‏‎ ‎‏تشمل الشبهـة الغیر المحصورة الوجوبیـة ، بل یختصّ بالتحریمیـة منها ، وعدم‏‎ ‎‏خلوّ الوجـه الأخیر من المناقشـة ؛ لأنّـه لو فرض بعد العلم الإجمالی بوجود‏‎ ‎‏الحرام بین الأطراف الغیر المحصورة أنّـه ظنّ بالظنّ الغیر المعتبر أنّ الحرام إنّما‏‎ ‎‏هو بین أطراف محصورة منها ، کما لو ظنّ بوجود الحرام بین عشرة معیّنـة من‏‎ ‎‏الألف الذی یعلم إجمالاً بأنّ واحداً منـه حرام واقعاً ، لم یکن حینئذٍ أمارة عقلائیّـة‏‎ ‎‏علی عدم کون کلّ واحد من الأطراف هو الحرام الواقعی بالقیاس إلی غیره ؛ لعدم‏‎ ‎‏اجتماع الظنّ بوجوده بینها مع الأمارة العقلائیـة علی الخلاف فی کلّ واحد منها ،‏‎ ‎‏کما لایخفی .‏

‏هذا ، ولکنّ الاستناد إلی مجموع الوجهین وجعلهما دلیلاً واحداً خال عن‏‎ ‎‏المناقشـة والإیراد .‏

‏وکیف کان : فبناءً علی کون الدلیل فی المقام هی الروایات الدالّـة علی‏‎ ‎


کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 142
‏حلّیـة المختلط من الحلال والحرام مطلقاً ، فإن قلنا : بأنّها قد خصّصت بالإجماع‏‎ ‎‏علی وجوب الاجتناب فی الشبهـة المحصورة بعنوانها ، فإن کانت الشبهـة‏‎ ‎‏مفهومیّـة دائرة بین الأقلّ والأکثر ، یجب الرجوع فی مورد الشکّ إلی الروایات‏‎ ‎‏الدالّـة علی الحلّیـة ، کما هو الشأن فی نظائر المقام ممّا کان الشکّ من جهـة‏‎ ‎‏المفهوم وتردّده بین الأقلّ والأکثر .‏

‏وإن کانت الشبهـة مصداقیّـة کما إذا علم بأنّ الألف یکون من الشبهـة الغیر‏‎ ‎‏المحصورة ونصفـه من المحصورة ، ولکن شکّ فی أنّ أطراف هذه الشبهـة‏‎ ‎‏الخارجیّـة هل تبلغ الألف أو لا تـتجاوز عن نصفـه فلا مجال من الرجوع إلی‏‎ ‎‏الإجماع بعد عدم إحراز موضوعـه ، ولا من الرجوع إلی الروایات ؛ لأنّـه من قبیل‏‎ ‎‏التمسّک بالعامّ فی الشبهـة المصداقیـة للمخصّص ، وقد حقّق سابقاً عدم الجواز ،‏‎ ‎‏بل اللازم الرجوع إلی أدلّـة التکالیف الأوّلیـة والحکم بوجوب الاجتناب ؛ لعدم‏‎ ‎‏ثبوت المرخّص ، کما هو واضح .‏

‏هذا کلّـه لو کان المخصّص للروایات هو الإجماع علی خروج عنوان‏‎ ‎‏الشبهـة المحصورة ، وأمّا لو کان المخصّص هو حکم عقل العرف بلزوم رفع الید‏‎ ‎‏عن العموم فی ما یوجب الإذن فی المعصیـة فاللازم بناءً علی ما ذکرنا سابقاً من‏‎ ‎‏أنّ الدلیل العقلی إنّما یکون کالمخصّص المتّصل ضروریّاً کان أو نظریّاً ، یکون‏‎ ‎‏العامّ من أوّل الأمر مقیّداً بغیر صورة یستلزم الإذن فی المعصیـة الذی هو قبیح ،‏‎ ‎‏فلا یجوز التمسّک بـه فی مورد الشکِّ؛ لأنّـه من قبیل التمسّک بالعامّ فی الشبهـة‏‎ ‎‏المصداقیـة لنفسـه ، وهو لا یجوز اتّفاقاً ، هذا .‏

‏وأمّا لو کان الدلیل هو الوجـه الأخیر ، فإن کانت الشبهـة مصداقیّـة‏‎ ‎‏فالظاهر أنّـه لا یجب الاجتناب ؛ لأنّ العلم الإجمالی بوجود الحرام الواقعی فی‏‎ ‎


کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 143
‏البین وإن کان موجباً للاحتیاط ، إلاّ أنّـه إذا خرج من ذلک ما إذا قامت الأمارة‏‎ ‎‏العقلائیـة علی عدم کون کلّ واحد من الأطراف هو الحرام الواقعی بالقیاس إلی‏‎ ‎‏غیره فهو نظیر ما إذا دلّ الدلیل الشرعی علی ذلک ، فالتمسّک بدلیل التکلیف‏‎ ‎‏الواقعی فی مورد الشکّ من قبیل التمسّک بالعامّ فی الشبهـة المصداقیّـة ، وحینئذٍ‏‎ ‎‏فلا یبقی وجـه لوجوب الاجتناب .‏

‏وأمّا لو کانت الشبهـة مفهومیّـة فالواجب الرجوع إلی دلیل التکلیف‏‎ ‎‏الواقعی والحکم بوجوب الاجتناب ؛ لعدم ثبوت کون مورد الشکّ خارجاً ، نظیر ما‏‎ ‎‏إذا کان المخصّص اللفظی مجملاً مفهوماً مردّداً بین الأقلّ والأکثر ، کما لایخفی .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 144