ضابط ا‏لشبهة ا‏لغیر ا‏لمحصورة

ضابط الشبهة الغیر المحصورة

‏ ‏

‏ثمّ إنّ ضابط الشبهـة الغیر المحصورة یختلف حسب اختلاف الوجوه التی‏‎ ‎‏استدلّ بها لعدم الوجوب ؛ أی الاحتیاط فیها ، فلو تمسّک فیها بالإجماع فالواجب‏‎ ‎‏الرجوع إلی العرف فی تعیـین مفهومها . وقد اختلف کلماتهم فی تحدید المعنی‏‎ ‎‏العرفی ، فعن الشهید والمحقّق الثانیـین‏‎[1]‎‏ وبعض آخر‏‎[2]‎‏ أنّـه عبارة عمّا یعسر‏‎ ‎


کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 137
‏عدّه مطلقاً ، أو فی زمان قصیر کما عن المحقّق الثانی ، وحکی عن غیرهم اُمور اُخر‏‎ ‎‏لعلّـه یأتی بعضها .‏

‏ولکن حیث إنّ الإجماع ممّا لا یجوز التمسّک بـه ، لاختلاف العلل‏‎ ‎‏الموجبـة للحکم بعدم وجوب الاحتیاط ، کما هو المحتمل قویّاً فلا یکشف عن‏‎ ‎‏رأی المعصوم ‏‏علیه السلام‏‏ فلا طائل تحت النزاع فی موضوعـه وتحقیق ما هو الحقِّ.‏‎ ‎‏ولکنّـه علی تقدیر ثبوتـه لا یقتضی إلاّ عدم وجوب الموافقـة القطعیـة ، لأنّـه‏‎ ‎‏القدر المتیقّن منـه ، وأمّا جواز المخالفـة القطعیـة بارتکاب الجمیع فلا یستفید‏‎ ‎‏منـه بعد عدم تیقّن کونـه معقد الإجماع أیضاً ، هذا .‏

‏وأمّا لو استند فی الحکم إلی الروایات المتقدّمـة ونظائرها فلیس هنا عنوان‏‎ ‎‏الشبهـة الغیر المحصورة حتّی ینازع فی تعیـین معناها وبیان مفهومها ؛ لأنّها لا‏‎ ‎‏تدلّ إلاّ علی حلّیـة الشیء المختلط من الحلال والحرام ، وهی وإن کانت‏‎ ‎‏مخصّصـة بالنسبـة إلی الشبهـة المحصورة ، إلاّ أنّ عنوان المخصّص لیس أیضاً‏‎ ‎‏هو عنوانها ، بل مورد المخصّص هو ما إذا کان الترخیص فی ارتکاب الجمیع‏‎ ‎‏مستلزماً للإذن فی المعصیـة بنظر العقل أو العقلاء ، ففی غیر هذا المورد یتمسّک‏‎ ‎‏بالعموم ویحکم بالترخیص .‏

‏وممّا ذکرنا یظهر أیضاً أنّـه بناءً علی هذا الوجـه کما لا تکون الموافقـة‏‎ ‎‏القطعیـة واجبـة ، کذلک لا تکون المخالفـة القطعیـة بمحرّمـة أصلاً ؛ لدلالـة‏‎ ‎‏الروایات علی حلّیـة مجموع الشیء المختلط من الحلال والحرام . وقد عرفت‏‎ ‎‏فیما سبق أنّ مرجع ذلک إلی رفع الید عن التکلیف التحریمی الموجود فی البین‏‎ ‎‏لمصلحـة أقوی ، وحینئذٍ فلو کان من أوّل الأمر قاصداً لارتکاب الجمیع لوجود‏‎ ‎‏الخمر بین الأطراف ولا یتحقّق العلم بارتکابـه إلاّ بعد ارتکاب الجمیع لا یکون‏‎ ‎


کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 138
‏عاصیاً ، بل ولا متجرّیاً ؛ لعدم کون الخمر الموجود بینها بمحرّم أصلاً بعد حصول‏‎ ‎‏الاختلاط ، هذا .‏

‏ولو استند فی الباب إلی الوجـه الأخیر‏‎[3]‎‏ الذی أفاده فی کتاب الدرر‏‎ ‎‏فالضابط هو بلوغ کثرة الأطراف إلی حدّ یکون احتمال کون کلّ واحد منها هو‏‎ ‎‏المحرّم الواقعی ضعیفاً ، بحیث لم یکن معتنی بـه عند العقلاء أصلاً ، فکلّما بلغت‏‎ ‎‏الکثرة إلی هذا الحدّ تصیر الشبهـة غیر محصورة .‏

‏ومقتضی هذا الوجـه أیضاً جواز ارتکاب الجمیع ؛ لأنّ المفروض أنّ فی کلّ‏‎ ‎‏واحد من الأطراف أمارة عقلائیّـة علی عدم کونـه هو المحرّم الواقعی حتّی فیما‏‎ ‎‏إذا بقی طرف واحد ، فإنّ الأمارة أیضاً قائمـة علی عدم کونـه هو المحرّم ، بل‏‎ ‎‏المحرّم کان فی ضمن ما ارتکبـه .‏

‏نعم لو کان قصده من أوّل الأمر ارتکاب المحرّم الواقعی بارتکاب الجمیع‏‎ ‎‏وارتکب واحداً منها واتّفق مصادفتـه للمحرّم الواقعی تصحّ عقوبتـه علیـه ،‏‎ ‎‏کمالایخفی .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 139

  • )) اُنظر فرائد الاُصول 2 : 436 ، جامع المقاصد 2 : 166 ، روض الجنان : 224  /  السطر20 .
  • )) مدارک الأحکام 3 : 253 .
  • )) تقدّم فی الصفحـة 135 .