ا‏لأمر ا‏لثا‏لث : فی شرطیة ا‏لابتلاء لتنجیز ا‏لعلم ا‏لإجما‏لی

الأمر الثالث فی شرطیة الابتلاء لتنجیز العلم الإجمالی

‏ ‏

‏ربّما یقال ـ کما هو المعروف بین المتأخّرین ـ بأنّـه یشترط فـی تنجیز‏‎ ‎‏العلم الإجمالی أیضاً أن تکون الأطراف ممّا یمکن ابتلاء المکلّف بها عادةً ، نظراً‏‎ ‎‏إلی أنّ النهی عمّا لا یکون مورداً لابتلاء المکلّف بحسب العادة مستهجن عرفاً ؛‏‎ ‎‏لأنّـه کما یعتبر فی عدم کون النهی قبیحاً عند العقل أن یکون المکلّف قادراً‏‎ ‎‏بالقدرة العقلیّـة علی إتیان متعلّقـه ، کذلک یعتبر فی عدم کونـه مستهجناً عند‏‎ ‎‏العرف أن یکون متعلّقـه مقدوراً للمکلّف بالقدرة العادیّـة ، وهی مفقودة مع عدم‏‎ ‎‏الابتلاء بها عادةً .‏

‏والوجـه فی هذا الاعتبار أنّ الغرض من النهی إنّما هو إیجاد الداعی‏‎ ‎‏للمکلّف إلی ترک المنهی عنـه لاشتمالـه علی المفسدة ، وهذا الغرض حاصل‏‎ ‎‏بدون النهی فیما لو کان المنهی عنـه متروکاً عادةً ، کما أنّ الغرض من الأمر هو‏‎ ‎‏إیجاد الداعی لـه إلی فعل المأمور بـه لاشتمالـه علی المصلحـة الملزمـة ، ومع‏‎ ‎‏ثبوتـه للمکلّف بدونـه لا مجال للأمر أصلاً ، لکونـه مستهجناً عرفاً .‏

‏وممّا ذکر یظهر : أنّ الرافع للاستهجان هو إمکان ثبوت الداعی إلی الفعل فی‏‎ ‎‏النهی وإلی الترک فی الأمر بحسب العادة ، فلو فرض عدم هذا الداعی إمّا لعدم‏‎ ‎‏القدرة العادیّـة علی الفعل فی الأوّل ، وعلی الترک فی الثانی ، وإمّا لعدم حصول‏‎ ‎‏الداعی اتّفاقاً وإن کان مقدوراً عادة یستهجن التکلیف .‏

‏هذا غایـة ما یمکن أن یقال فی توجیـه هذا المقال .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 119