ا‏لأوّل‏: حقیقة ا‏لواجب ا‏لتخییری

الأوّل : حقیقة الواجب التخییری

‏ ‏

‏قد عرفت فی تصویر الواجب التخیـیری أنّ الالتزام بثبوت الواجب‏‎ ‎‏التخیـیری فی مقابل الواجب التعیـینی ممّا لا یرد علیـه شیء من المحذورات‏‎ ‎‏المتوهّمـة من کونـه مستلزماً لتعلّق الإرادة بأحد الشیئین أو الأشیاء علی سبیل‏‎ ‎‏التردید الواقعی ، بأن یکون التعلّق بحسب الواقع ونفس الأمر مردّداً ، وکذا تعلّق‏‎ ‎‏البعث بأحدهما أو بأحدها علی سبیل الإبهام النفس الأمری .‏

‏وکذا عرفت أنّ ما أفاده فی الکفایـة‏‎[1]‎‏ ، من أنّـه لو کان هناک غرض واحد‏‎ ‎‏مترتّب علی الشیئین أو الأشیاء فلا محالـة یکون الواجب هو الجامع والقدر‏‎ ‎‏المشترک بینهما أو بینها ؛ لأنّـه لا یمکن صدور الغرض الواحد من المتعدّد بما هو‏‎ ‎‏متعدّد ، فحیث إنّ الغرض یترتّب علی الجامع فلا محالـة یکون الجامع واجباً .‏

‏محلّ نظر ، بل منع ؛ فإنّـه ـ مضافاً إلی منع ما ذکره من عدم إمکان صدور‏‎ ‎‏الواحد من المتعدّد ، فإنّ ذلک إنّما هو فی موارد مخصوصـة کما حقّق فی‏‎ ‎


کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 43
‏محلّـه‏‎[2]‎‏ ‏‎ ‎یرد علیـه‏ : أنّـه لـو سلّم ترتّب الغرض علی الجامـع فذلک لا یوجب أن‏‎ ‎‏یکون هو‏‎ ‎‏الواجب ، فإنّ الجامع قد یکون جامعاً غریباً بحیث لا یغنی توجیـه‏‎ ‎‏البعث إلیـه من‏‎ ‎‏بیان أفراده ومصادیقـه ، بل یحتاج المولی إلی تعریف المصادیق‏‎ ‎‏أیضاً ، فإنّـه حینئذٍ‏‎ ‎‏یکون البعث إلی کلّ واحد من المصادیق علی سبیل التخیـیر‏‎ ‎‏أسهل وأوفق ، کما‏‎ ‎‏لایخفی .‏

‏مضافاً إلی أنّ الکلام لیس فیما یترتّب علیـه الغرض وأنّـه هل هو واحد أو‏‎ ‎‏متعدّد ، ولیس التقسیم أیضاً ناظراً إلیـه ، بل التقسیم إنّما هو للوجوب باعتبار‏‎ ‎‏الواجب ، وهو فی لسان الدلیل متعدّد وإن کان المؤثّر فی حصول الغرض هو‏‎ ‎‏الجامـع والقدر المشترک بین الأفـراد ، وإلی أنّـه لا ینحصر الـواجب التخیـیری‏‎ ‎‏بما إذا کان هناک غرض واحد ، بل ربّما یکون للمولی غرضان یترتّب أحدهما علی‏‎ ‎‏أحد الشیئین والآخر علی الآخر ، ولا یمکن مع حصول أحدهما تحصیل الآخر ،‏‎ ‎‏أو لا یکون تحصیلـه لازماً ، وحینئذٍ فلابدّ من أن یبعث العبد نحوهما بحیث یخلّل‏‎ ‎‏بین البعثین کلمـة « أو » ونحوها الدالّـة علی عدم إمکان تحصیل الغرضین أو عدم‏‎ ‎‏لزومـه . وبالجملـة : فتصویر الواجب التخیـیری ممّا لا محذور فیـه أصلاً ، وحینئذٍ‏‎ ‎‏فیمکن أن یدور الأمر بینـه وبین الواجب التعیـینی .‏

‎ ‎

کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 44

  • )) کفایة الاُصول : 174 .
  • )) راجع الحکمـة المتعالیـة 2 : 210 ـ 212 ، و7 : 192 ـ 258 .