تصحیح الأمر بالمهمّ بالأمر المتعلّق بالطبیعة

تصحیح الأمر بالمهمّ بالأمر المتعلّق بالطبیعة

‏ ‏

الثانی :‏ أنّ ذلک یتمّ فی المضیّقین ، وأمّا إذا کان أحدهما موسّعاً فصحّة الفرد‏‎ ‎‏المزاحم من الصلاة بمکان من الإمکان ؛ وإن قلنا بتوقّف الصحّة علی الأمر .‏

توضیحه :‏ أنّ الأوامر متعلّقة بالطبائع ، والخصوصیات الفردیة خارجة منها ؛‏‎ ‎‏إذ الأمر لایتعلّق إلاّ بما یقوم به الغرض ، وهو لیس إلاّ نفس الطبیعة بوجودها‏‎ ‎‏الساری ، ولا دخل لغیرها فی حصول الغرض ؛ فلا یتصوّر أخذه فیه مع عدم دخله‏‎ ‎‏فی الغرض علی الفرض ، ولا یتعدّد الأمر المتعلّق بالواجب الموسّع باعتبار أوّل‏‎ ‎‏الوقت وآخره ؛ إذ الزمان اُخذ بنحو الظرفیة للمأمور به .‏

‏نعم ، فی آخر الوقت وانحصار الفرد یحکم العقل بإیجادها فوراً فی ضمن‏‎ ‎‏ذلک الفرد المنحصر ، من غیر تغییر فی ناحیة الأمر .‏

‏وبالجملة : ما هو المضادّ للمأمور به ـ الذی هو الإزالة ـ هو المصداق من‏‎ ‎‏الصلاة لا الطبیعة ، وما هو المأمور به هی الطبیعة لا المصداق . هذا من غیر فرق بین‏‎ ‎‏الأفراد الطولیة والعرضیة .‏


کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 427
‏وحینئذٍ بما أنّ للطبیعة أفراداً غیر مزاحمة ـ وإن کان هذا الفرد مزاحماً ـ‏‎ ‎‏وبما أنّ القدرة علی إیجاد الطبیعة ـ ولو فی ضمن فردٍ ما ـ کافیة فی تعلّق الأمر بها ؛‏‎ ‎‏لخروجه عن التکلیف بما لا یطاق ، فحینئذٍ یجوز الإتیان به بداعی الأمر المتعلّق‏‎ ‎‏بالطبیعة ، ولا یحتاج خصوص الفرد إلی الأمر ؛ لما عرفت أنّ متعلّق الأوامر هی‏‎ ‎‏الطبائع ؛ حتّی یقال : إنّه بعد الأمر بالإزالة لایمکن الأمر بذاک الفرد المزاحم ؛‏‎ ‎‏لاستلزامه الأمر بالضدّین .‏

‏هـذا کلّه فیما إذا کـان وقت الفرد المزاحـم موسّعاً ، کإتیان الصلاة أثناء‏‎ ‎‏النهار وقـد کلّف بالإزالـة ، وقـد عرفت صحّـة الأمـر بالطبیعـة وإتیان الفرد‏‎ ‎‏بـداعی أمرها .‏

‏فظهر : أنّ نفی الثمرة فی الباب ـ بناءً علی توقّف صحّة العبادة علی الأمر ـ‏‎ ‎‏لا یستقیم علی إطلاقه ، بل یختصّ بالمضیّقین دون الموسّع والمضیّق .‏

‏نعم ، لو قلنا إنّ الأمر بالشیء یقتضی النهی عن ضدّه کان ذلک الفرد من‏‎ ‎‏الصلاة المزاحم للإزالة منهیاً عنه ، وبعد تعلّق النهی لایمکن الإتیان بداعی أمر‏‎ ‎‏نفسه ؛ لعدم الأمر به بالخصوص ، ولا بداعی الطبیعة ؛ إذ یقیّد إطلاق الأمر بالنهی‏‎ ‎‏المفروض ، فلا یمکن انطباق الطبیعة علی الفرد المزاحم ؛ ولو قهریاً .‏

‏ویمکن إجراء هذا التقریب فیما إذا صار وقت الصلاة مضیّقاً ؛ لأنّ الأمر‏‎ ‎‏لایتجافی عن متعلّقه بصیرورة الوقت مضیّقاً .‏

‏نعم ، فی آخر الوقت ـ کما تقدّم ـ یحکم العقل بإیجادها فوراً ، من غیر تغییر‏‎ ‎‏فی ناحیة الأمر ، فیمکن قصد الأمر المتعلّق بالطبیعة مع الإتیان بالفرد المنحصر فی‏‎ ‎‏الوقت المضیّق ؛ ولو زاحم الضدّ الأهمّ .‏


کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 428
‏هذا غایة توضیح وتوجیه لما حکی عن المحقّق الکرکی‏‎[1]‎‏ ، وهو بکلامه هذا‏‎ ‎‏وإن لم یکن بصدد الجواب عن مقالة البهائی ؛ لتقدّم عصر المحقّق ‏‏قدس سره‏‏ علیه ، إلاّ أنّ‏‎ ‎‏عبارته المحکیة ممّا یمکن أن یستفاد منه ما یصلح جواباً لمقالته .‏

ولک أن تقول :‏ إنّ ملاک استحالة الأمر بالضدّین موجود مع تضیّق الوقت أو‏‎ ‎‏انحصار الفرد أو کون الأفراد طولیة ، کما إذا کان وقت الصلاة وسیعاً ؛ فإنّ معنی‏‎ ‎‏تعلّق الأمر بالطبیعة هو البعث إلی إیجادها . فمع کون الوقت مضیّقاً إن کان البعث‏‎ ‎‏إلی إیجاد الطبیعة فعلیاً وإلی ضدّه کذلک لزم منه التکلیف بالمحال ؛ فإنّ إیجاد‏‎ ‎‏الطبیعة وضدّ مصداقها ممّا لایمکن فی الوقت المضیّق .‏

‏وکـذا الحال مـع انحصار المصداق ، بل مـع کون الأفراد طولیـة ، فإنّ فعلیة‏‎ ‎‏الأمـر بالطبیعـة فی وقت یکون الفرد فیه مبتلی بالضدّ الـواجب الفعلی ممّا‏‎ ‎‏لا یمکن تحقّقه ، وصرف کون الأمر متعلّقاً بالطبیعة وعدم التنافی بینها وبین الواجب‏‎ ‎‏المضیّق لایدفع الاستحالة ، بعد کون لازمه التکلیف بالمحال ، إلاّ أن یصار إلی‏‎ ‎‏ماسنحقّقه إن شاء الله .‏

‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 429

  • )) اُنظر فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 312 ـ 313 ، جامع المقاصد 5 : 13 ـ 14 .