حول تأسیس الأصل فی مقدّمة الواجب

حول تأسیس الأصل فی مقدّمة الواجب

‏ ‏

‏اعلم : أنّ الملازمة الواقعة بین إرادة ذی المقدّمة وبین إرادة ما یراه مقدّمة‏‎ ‎‏ـ علی فرض ثبوتها ـ لیست من قبیل لوازم الوجـود ؛ لما عرفت‏‎[1]‎‏ من أنّ إرادة‏‎ ‎‏ذیها غیر مؤثّرة فی إرادة المقدّمة تأثیر العلّة فی المعلول ؛ لأنّ کلاًّ من الإرادتین‏‎ ‎‏تحتاج إلی مبادئ برأسها .‏


کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 393
‏کما أنّه لیس من قبیل لازم الماهیة ، وهو واضح وما یقال بل إنّه من هذا‏‎ ‎‏القبیل ، ویراد منه ما یکون له تقرّر وثبوت فی نفس الأمر‏‎[2]‎‏ غیر صحیح جدّاً‏‎ ‎‏ـ حتّی فی الحقائق الخارجیة ـ لأنّ الماهیة مع قطع النظر عن الوجود لا حقیقة لها ؛‏‎ ‎‏فضلاً عن أن یکون لها لازم . ومعنی لازم الماهیة هو ما یکون تبعاً لها عند تجریدها‏‎ ‎‏عن کافّة الوجودات ؛ وإن کانت موجودة بهذا اللحاظ المغفول عنه ، ویری العقل‏‎ ‎‏حینئذٍ نفس الماهیة بلا توجّه إلی وجودها وموجودیتها مزدوجة مع لازمها ، ومن‏‎ ‎‏المعلوم أنّ إرادة المقدّمة لیست لازمة لإرادة ذیها بهذا المعنی .‏

ثمّ ‏إنّه لا فائدة فی الأصل الجاری فی الملازمة ؛ موضوعیاً کان أو حکمیاً :‏

أمّا الأوّل :‏ فلأنّ استصحاب عدم الملازمة بنحو النفی التامّ غیر واضح ؛ لکونه‏‎ ‎‏مثبتاً . وأمّا النفی الناقص ـ فمع کونه غیر متیقّن فی الزمان الغابر ـ غیر مجدٍ ؛ إذ‏‎ ‎‏المیزان فی صحّة الاستصحاب الموضوعی ـ کما سیوافیک بإذن الله فی محلّه‏‎[3]‎‏ ـ هو‏‎ ‎‏انطباق کبری شرعیة علی الصغری المحرزة بالأصل ، وهو هنا مفقود ؛ لعدم ترتّب‏‎ ‎‏حکم شرعی علی الملازمة وعدمها بلا توسّط أمر عقلی ؛ لأنّ الملازمة لم تکن‏‎ ‎‏موضوعة لحکم شرعی ، بل العقل یحکم بعدم الوجوب علی فرض عدم الملازمة‏‎ ‎‏وبتحقّقه علی فرض تحقّقها .‏

وأمّا الثانی :‏ فلأنّ جریانه فرع ترتّب الأثر الشرعی ، وقد عرفت أنّه لا أثر‏‎ ‎‏لهذا الوجوب ولا لنفیه شرعاً .‏

‏هذا ، ولو أغمضنا عمّا ذکرنا فالأصل جارٍ ؛ حتّی لو احتملنا الملازمة‏

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 394
‏المطلقـة شأنیا وفعلیاً ؛ لأنّ المقام من مصادیق المشکوک الذی هـو محـطّ جریان‏‎ ‎‏الأصل ، ولایشترط إحراز إمکانه ، بل یکفی عدم العلم بامتناعه ، وإلاّ لما صحّ‏‎ ‎‏التمسّک بالإطلاق فی الأفراد الذی نشکّ فی تعلّق الجعل به مع احتمال عدم إمکانه ،‏‎ ‎‏وهو کما تری .‏

‏وما یقال : إنّ جریانه مستلزم للتفکیک بین المتلازمین ؛ لکونه من قبیل لوازم‏‎ ‎‏الماهیة أو الوجود غیر وجیه ولا مسموع ؛ إذ فیه ـ مضافاً إلی ما فی دعوی کونه من‏‎ ‎‏قبیلهما ، کما تقدّم ـ أنّه لایلزم من جریانه التفکیک الواقعی ، والظاهری منه لا‏‎ ‎‏إشکال فیه ، مع أنّه ـ لو سلّم ـ یلزم احتمال التفکیک ، وهو لایمنع عن جریان‏‎ ‎‏الأصل ؛ لعدم جواز رفع الید عن الأدلّة الشرعیة بمجرّد احتمال الامتناع .‏

‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 395

  • )) تقدّم فی الصفحة 283 ـ 284 و 323 ـ 324 .
  • )) کفایة الاُصول : 156 .
  • )) الاستصحاب ، الإمام الخمینی قدس سره : 244 ـ 245 .