الواجب النفسی و الغیری

الواجب النفسی والغیری

‏ ‏

‏من تقسیمات الواجب تقسیمه إلی واجب نفسی وغیری ، الظاهر : أنّ تقسیم‏‎ ‎‏الواجب إلی الأقسام لیس باعتبار الإرادة أو الغرض ؛ لأنّهما خارجان من اعتبار‏‎ ‎‏الوجوب والواجب ؛ لما عرفت‏‎[1]‎‏ من أنّ الحکم لیس هو نفس الإرادة أو هی‏‎ ‎‏بانضمام الإظهار ، بل أمر اعتباری عقلائی ینتزع عن نفس البعث .‏

‏بل التقسیم باعتبار البعث والوجوب ، فحینئذٍ یصحّ ما یدور فی الألسن من‏‎ ‎‏«أنّ النفسی ما اُمر به لنفسه ، والغیری ما اُمر به لغیره» ؛ وإن کان الأظهر تعریفهما‏‎ ‎‏بـ «أنّ البعث إذا تعلّق بشیء لأجل التوصّل إلی مبعوث إلیه فوقه فهو غیری ، و إن‏‎ ‎‏تعلّق به من غیر أن یکون فوقه مبعوث إلیه فهو نفسی» .‏

‏وبما ذکرنا یندفع ما ربّما یورد علی تعریف المشهور من استلزامه کون‏

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 343
‏الواجبات کلّها غیریاً ؛ لأنّه قد اُمر بها لأجل مصالح تترتّب علیها خارجاً‏‎[2]‎‏ ؛ لأنّک‏‎ ‎‏قد عرفت : أنّ التقسیم لیس باعتبار الإرادة فی کلّ من الفاعل والآمر ، ولا باعتبار‏‎ ‎‏الأغراض المتصاعدة إلی أن تبلغ إلی ما هو المقصود بالذات ، بل بالنظر إلی نفس‏‎ ‎‏الحکم الاعتباری ، باعتبار کون صدوره لأجل خطاب فوقه ، أو لا .‏

‏نعم ، یمکن تقسیمه باعتبار الإرادة إلی نفسی وغیری أیضاً ، فنقول : «النفسی‏‎ ‎‏ما تعلّقت به إرادة الإیجاد لأجل نفسه ، أو لأجل ما یترتّب علیه من الفوائد ، لا‏‎ ‎‏لأجل التوصّل إلی ما تعلّقت به إرادة إیجاد اُخری ، والغیری ما تعلّقت به إرادة لأجل‏‎ ‎‏التوصّل إلی ما تعلّقت به إرادة إیجاد فوقها» .‏

‏هذا هو الحال فی الإرادة الفاعلیة ، وقس علیه الآمریة .‏

‏هذا ، وقد عرفت : أنّ الملاک فی هذا التقسیم لیس باعتبار الإرادة ولا باعتبار‏‎ ‎‏کونه محبوباً بالذات أو بالغیر ؛ لأنّها إن صحّت فإنّما هی فی التقسیم بحسب‏‎ ‎‏الملاکات والأغراض ، بل التقسیم هنا باعتبار کون المقسم هو الحکم ، وقد تقدّم أنّ‏‎ ‎‏الخطاب وجعل الحکم باعتبار التوصّل إلی خطاب آخر فوقه غیری ، وجعله لا‏‎ ‎‏لأجل التوصّل إلیه نفسی .‏

‏مثلاً إذا أمر المولی عبده ببناء مسجد ولم یکن فوقه أمر آخر متوجّه إلی‏‎ ‎‏المأمور یکون ذلک نفسیاً ؛ وإن کان لأجل غرض ، کالصلاة فیه .‏

‏وإذا أمره أیضاً بإحضار الأحجار والأخشاب لأجل التوصّل إلی ذلک‏‎ ‎‏المبعوث إلیه یکون غیریاً ، کما أنّه إذا أمر ابتداءً أشخاصاً ، فأمر شخصاً بشراء‏‎ ‎‏الأحجار وآخر بإحضارها وثالثاً بتحجیرها تکون تلک الأوامر نفسیات ، ولکن إذا‏

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 344
‏أمر کلّ واحد منهم لأجل التوصّل إلی ذلک المبعوث إلیه الخاصّ بهم یکون غیریاً‏‎ ‎‏مع أنّ کلّها لأغراض ؛ وهی ترجع إلی غرض أقصی فوقها ، والأمر سهل .‏

‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 345

  • )) تقدّم فی الصفحة 319 .
  • )) مطارح الأنظار : 66 / السطر21 .