نقل و بحث‏: فی ضابط قیود الهیئة و المادّة

نقل وبحث : فی ضابط قیود الهیئة والمادّة

‏ ‏

‏یظهر من تقریرات بعض محقّقی العصر ضابط عقلی آخر فی الفرق بین‏‎ ‎‏نحوی القیدین ؛ وهو أنّ القیود لو کانت ممّا یتوقّف علیه اتّصاف المأمور به بکونه ذا‏‎ ‎‏مصلحة فی الخارج ـ کالزوال والاستطاعة بالنسبة إلی الصلاة والحجّ ـ فهو من‏‎ ‎‏شرائط الوجوب ، ولو کان ممّا یتوقّف فعلیة المصلحة وحصولها فی الخارج علی‏‎ ‎‏تحقّقها ؛ بمعنی أنّها لا تکاد تحصل إلاّ إذا اقترن الفعل بتلک القیود والشرائط‏‎ ‎‏ـ کالطهارة والستر ـ فهو من شروط الواجب‏‎[1]‎‏ ، انتهی ملخّصاً .‏

وفیه أمّا أوّلاً :‏ فلأنّ ما ذکره فی الشقّ الأوّل غیر صحیح ؛ لا طرداً ولا عکساً .‏

‏أمّا الطرد : فلأنّ الغرض الذی یتوقّف علی حصول شیء إذا کان لازم‏‎ ‎‏التحصیل مطلقاً تتعلّق الإرادة بتحصیله علی نحو الإطلاق ، ویأمره بإتیانه کذلک ،‏‎ ‎‏وعلی المکلّف ـ حینئذٍ ـ أن یأتی به ؛ ولو بإیجاد شرطه .‏

‏فإذا کان الحجّ لا یتّصف بالصلاح إلاّ بالاستطاعة ، ولکن کان للمولی غرض مطلق‏‎ ‎‏لتحصیل مصلحة الحجّ فلا محالة یأمر عبده بتحصیلها بنحو الإطلاق ، فلابدّ له من‏‎ ‎‏تحصیل الاستطاعة ؛ لیصیر الحجّ معنوناً بالصلاح ویأتی به لتحصیل غرضه المطلق .‏


کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 315
‏والحاصل : أنّ القیود الموجبة لکون الشیء ذا مصلحة علی قسمین :‏

‏قسم یکون الشیء بوصف کونه صلاحاً مراداً له ومطلوباً مطلقاً ، فتعلّق به‏‎ ‎‏الإرادة علی نحو الإطلاق ، فیجب علیه تحصیل الصلاح بتحصیل الاستطاعة ؛ لکون‏‎ ‎‏الصلاح مراداً مطلقاً ، وإن کان اتّصاف المورد بالصلاح یتوقّف علی شیء آخر ، لکن‏‎ ‎‏لعلّة کونه مطلوباً مطلقاً یحرّکه إلی إیجاد القید أیضاً . فحینئذٍ یکون القید ـ لا‏‎ ‎‏محالة ـ راجعاً إلی المادّة .‏

‏وقسم یکون ما هو المصداق لقولنا إنّه ذو صلاح هو الموضوع المقیّد ، إلاّ أنّ‏‎ ‎‏البعث لم یتعلّق بکلا الجزئین بطور الإطلاق بل تعلّق علیه لو حصل هذا بنفسه ،‏‎ ‎‏فیرجع إلی الهیئة لا محالة .‏

‏فتلخّص : أنّ الجزء الموجب لکون الشیء ذا صلاح علی قسمین ، لا یتعیّن‏‎ ‎‏لواحد منهما إلاّ بملاحظة ضابط آخر .‏

‏وأمّا العکس : فلأنّ الاُمور التی یتوقّف الواجب علیها عقلاً ـ کالقدرة‏‎ ‎‏والعقل ـ ممّا تعدّ من قیود الهیئة ، مع أنّها لا توجب اتّصافه بالصلاح فی إنقاذ ابن‏‎ ‎‏المولی مع عجز العبد .‏

وأمّا ثانیاً :‏ فلأنّه یرد علی الشقّ الثانی من الضابط أنّ قیود المادّة ـ کالطهارة‏‎ ‎‏والاستقبال ـ دخیلة فی اتّصاف الموضوع بالصلاح ؛ فإنّ الصلاة بدون الطهارة‏‎ ‎‏والقبلة لا مصلحة فیها ، فیلزم أن یکون من قیود الهیئة ؛ لأجل ما قرّر من المیزان ،‏‎ ‎‏مع أنّه من قیود المادّة . وبالجملة : أنّ الصلاة بدون هذین القیدین إمّا أن تکون ذات‏‎ ‎‏مصلحة أولا . وعلی الثانی یلزم أن یکون قیداً للوجوب علی الملاک الذی ذکره ؛‏‎ ‎‏من أنّ ما یتوقّف علیه اتّصاف الفعل بکونه ذا مصلحة فی الخارج فهو قید للوجوب .‏

‏وعلی الأوّل یلزم هدم ضرورة المسلمین ؛ لأنّ الضرورة حاکیة عن أنّ الصلاة‏‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 316
‏بلا طهور وقبلة لیست فیه مصلحة ، ولیس الستر والطهارة کالآلات الفاعلیة فی‏‎ ‎‏إیجاد موضوع ذی صلاح بالضرورة .‏

‏فظهر : أنّ ما ذکره مخدوش من جهات ، إلاّ أن یرجع إلی ما ذکرنا وهو بعید من ظاهره .‏

‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 317

  • )) بدائع الأفکار (تقریرات المحقّق العراقی) الآملی 1 : 335 .