و أ‏مّا قاعدة التجاوز و الفراغ‏

وأمّا قاعدة التجاوز والفراغ :

‏ ‏

‏فقد أشبعنا فیها الکلام ، وحقّقناها بما لا مزید علیه فی مباحث الوضوء‏‎ ‎‏وخاتمـة الاستصحاب ، وأثبتنا أنّ مفاد الأخبار هـو جعل قاعـدة واحـدة ؛ هی‏‎ ‎‏قاعـدة التجاوز لا قاعـدتین ، وأنّ مـا قیل أو یمکن أن یقال فـی إثبات کونهما‏

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 278
‏قاعدتین غیر مقبول أصلاً‏‎[1]‎‏ .‏

‏وأمّا البحث عن إجزائها : فإن ثبت کونه طریقاً عقلائیاً إلی وجود الشیء‏‎ ‎‏الذی شکّ فی إتیانه فی محلّه ، أو ثبت کونها أصلاً عقلائیاً بالبناء علی تحقّق الشیء‏‎ ‎‏عند مضیّ محلّه فلابدّ من تنزیل أدلّتها علی ما هو المرتکز عندهم ؛ لصلاحیتها‏‎ ‎‏للقرینیة علی المراد من الأخبار .‏

‏والذی یسهّل الخطب هو عدم وجود تلک المزعمة عند العقلاء ؛ لا بنحو‏‎ ‎‏الطریقیة کما هو واضح ولا بنحو التعبّدیة أیضاً ، ویتّضح ذلک : إذا راجعت سیرتهم‏‎ ‎‏فی مهامّ الاُمور وفی ترکیب المعاجن وتأسیس الأبنیة ، فلا أقلّ من عدم إحراز‏‎ ‎‏بنائهم علی عدم الاعتبار .‏

‏فإذن لابدّ فی فهم المراد من التفحّص فی لسان الروایات ، فنقول : ربّما یتوهّم‏‎ ‎‏ظهور بعضها فی الأماریة ، کما فی قوله ‏‏علیه السلام‏‏ : ‏«هو حین یتوضّأ أذکر منه حین‎ ‎یشکّ»‎[2]‎‏ ؛ قائلاً بأنّه من باب إقامة العلّة مقام المعلول ، والمراد : أنّ الذاکر بما له‏‎ ‎‏جهة الذکر یأتیه فی محلّه البتّة .‏

قلت وفیه ‏ـ مضافاً إلی أنّ مـدّعی الطریقیة لابـدّ وأن یدّعی : أنّ الظـنّ‏‎ ‎‏النوعی بالإتیان لأجل الغلبة جعل طریقاً إلی الواقع ، والحال أنّ الروایة لایتعرّض‏‎ ‎‏لحاله . وکون الذکر طریقاً لامعنی له ، ومضافاً إلی أنّه یحتمل أن یکون وارداً‏‎ ‎‏لأجـل نکتة التشریع ، کما هو غیر بعید ـ یرد علیه : أنّه لو سلّمنا أنّه مـن باب‏‎ ‎‏إقامـة العلّة مقام المعلول ، ولکن المعلول کما یحتمل أن یکون ما ذکره من أنّه أتی‏‎ ‎‏بـه فی محلّه لأذکـریته ، کـذا یحتمل أن یکون المعلول أنّه یبنی علی وجـوده ، أو‏

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 279
«فأمضه»‎[3]‎‏ أو ‏«شکّک لیس بشیء»‎[4]‎‏ أو غیر ذلک ممّا یناسب کونه أصلاً محرزاً‏‎ ‎‏أو أصلاً مطلقاً ؛ وإن کان کونه أصلاً محرزاً حیثیاً غیر بعید ؛ لأنّه مقتضی قوله ‏‏علیه السلام‏‏ :‏‎ ‎«بلی قد رکعت»‎[5]‎‏ . وغیر ذلک من الشواهد التی تؤیّد کونه أصلاً محرزاً حیثیاً .‏

‏فحینئذٍ إنّ البناء التعبّدی علی وجود المشکوک فیه ـ کما یستفاد من صحیحة‏‎ ‎‏حمّاد‏‎[6]‎‏ وموثّقة عبد الرحمان‏‎[7]‎‏ أو الأمر بالمضیّ وعدم الاعتناء بالشکّ ـ کلّ ذلک‏‎ ‎‏یساوق معنی جواز إتیان المأمور به بهذه الکیفیة أو لزوم إتیانه کذلک ، فیصیر المأتی‏‎ ‎‏به مصداقاً للمأمور به ، ویصدق علیه عنوان الصلاة ، ولازمه سقوط أمره ، ولانعنی‏‎ ‎‏من الإجزاء إلاّ هذا .‏

فتلخّص :‏ أنّ مقتضی التحقیق عدم الإجزاء فی الأمارات ، والإجزاء فی‏‎ ‎‏الاُصول . وأمّا حال تبدیل رأی المجتهد بالنسبة إلی أعماله وأعمال مقلّدیه فقد‏‎ ‎‏أسهبنا فیه الکلام فی بحث الاجتهاد والتقلید‏‎[8]‎‏ ، فارتقب حتّی حین .‏

‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 280

  • )) الاستصحاب ، الإمام الخمینی قدس سره : 315 .
  • )) تهذیب الأحکام 1 : 101 / 265 ، وسائل الشیعة 1 : 471 ، کتاب الطهارة ، أبواب الوضوء ، الباب 42 ، الحدیث 7 .
  • )) تهذیب الأحکام 2 : 344 / 1426 ، وسائل الشیعة 8 : 237 ، کتاب الصلاة ، أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ، الباب 23 ، الحدیث 3 .
  • )) تهذیب الأحکام 2 : 352 / 1459 ، وسائل الشیعة 8 : 237 ، کتاب الصلاة ، أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ، الباب 23 ، الحدیث 1 .
  • )) تهذیب الأحکام 2 : 151 / 592 ، وسائل الشیعة 6 : 317 ، کتاب الصلاة ، أبواب الرکوع ، الباب 13 ، الحدیث 3 .
  • )) تهذیب الأحکام 2 : 151 / 594 ، وسائل الشیعة 6 : 317 ، کتاب الصلاة ، أبواب الرکوع ، الباب 13 ، الحدیث 2 .
  • )) تهذیب الأحکام 2 : 151 / 596 ، وسائل الشیعة 6 : 318 ، کتاب الصلاة ، أبواب الرکوع ، الباب 13 ، الحدیث 6 .
  • )) الاجتهاد والتقلید ، الإمام الخمینی قدس سره : 135 .