و أ‏مّا البراءة الشرعیة‏

وأمّا البراءة الشرعیة :

‏ ‏

‏فلمّا کان الظاهر من قوله ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏ : ‏«رفع عن اُ مّتی تسعة . . .»‎[1]‎‏ إلی آخره‏‎ ‎‏هو رفع الحکم فی الشبهات الحکمیة حقیقة واختصاصه بالعالمین ، ولمّا کان ذلک‏‎ ‎‏مستلزماً للتصویب الباطل حمل ـ لا محالة ـ علی رفعه ظاهراً بعد ثبوته واقعاً ،‏‎ ‎‏ووجه الرفع هو الامتنان للاُمّة وتوسیع الأمر علیهم ، فحینئذٍ إذا شکّ فی جزئیة شیء‏‎ ‎‏أو شرطیته أو مانعیته ، أو شکّ فی کون شیء مانعاً من جهة الشبهة الموضوعیة‏‎ ‎‏فمقتضی حدیث الرفع هو مرفوعیة المشکوک ظاهراً ، وجواز ترتیب آثار الرفع‏‎ ‎‏علیه کذلک ، ومن الآثار إتیان العبادة علی مقتضی الرفع فی مقام الفراغ عن عهدتها ،‏‎ ‎‏فیکون رخصة فی ترک المشکوک ، وإتیانها مع الأجزاء الباقیة .‏

‏وإن شئت قلت : إنّ الأمر قد تعلّق بعنوان الصلاة الصادق علی فاقد الجزء‏‎ ‎‏وواجده ، وحدیث الرفع ناظر إلی العنوان الذی قید لبّاً ، ولکن نظره لیس نظر وضع‏‎ ‎‏بل نظر رفع ؛ بمعنی أنّ العنوان الذی تعلّق به الأمر یجوز إتیانها بلا هذا الشرط أو‏‎ ‎‏هذا الجزء أو غیر ذلک ، ویکون العبد ذا حجّة فی امتثاله وترکه .‏

‏ولا معنی ـ حینئذٍ ـ للإعادة والقضاء ؛ لأنّ عنوان الصلاة منطبق علیه ، وترک‏‎ ‎‏القید نشأ من إذنه وإشارته إلی کیفیة امتثال أمرها فی ظرف الشکّ .‏

‏فإذا ورد قوله سبحانه : ‏‏«‏أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوکِ الشَّمسِ إِلی غَسَقِ اللَیلِ‏»‏‎[2]‎‏ ‏‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 277
‏وفرضنا أنّ السنّة دلّت علی اعتبار أجزاء وشرائط ، ثمّ حکم الشارع ـ امتناناً ـ برفع‏‎ ‎‏ما لا یعلمون من الأجزاء والشرائط یفهم العرف أنّ کیفیة إطاعة الأمر فی حال‏‎ ‎‏الشکّ فی وجوب السورة مثلاً هو إتیانها بلا سورة ، وفی حال الشکّ فی مانعیة شیء‏‎ ‎‏جواز إتیانها معه . فإذا امتثله کذلک فقد امتثل قوله سبحانه ‏‏«‏أَقِمِ الصَّلاةَ‏»‏‏ بحکومة‏‎ ‎‏أدلّة الرفع علی أدلّة الجزء والشرط والمانع .‏

‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 278

  • )) التوحید : 353 / 24 ، الخصال : 417 / 9 ، وسائل الشیعة 15 : 369 ، کتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس وما یناسبه ، الباب 56 ، الحدیث 1 .
  • )) الإسراء (17) : 78 .