المبحث السابع فی الفور و التراخی

المبحث السابع فی الفور والتراخی

‏ ‏

‏ما قدّمناه فی نفی دلالة الأمر علی المرّة والتکرار جارٍ بعینه فی عدم دلالته‏‎ ‎‏علی الفور والتراخی ، بل لامحیص عن إخراج کلّ قید ـ من زمانٍ أو مکان أو‏‎ ‎‏غیرهما ـ عن مدلوله ممّا لایدلّ علیه الأمر ، لا بهیئته ولا بمادّته ، فلا نطیل‏‎ ‎‏بالإعادة .‏

‏نعم ، تشبّث جماعة من الأعاظم فی إثبات الدلالة علی الفور باُمور خارجة‏‎ ‎‏من صیغة الأمر :‏

منهم شیخنا العلاّمة‏ فی الدورة الأخیرة ، کما أسمعناک من مقایسة الأوامر‏‎ ‎‏بالعلل التکوینیة فی اقتضائها عدم انفکاک معالیلها عنها ، وعلیه جری فی قضاء‏‎ ‎‏الفوائت فی کتاب الصلاة ؛ حیث قال :‏

‏إنّ الأمر المتعلّق بموضوع خاصّ غیر مقیّد بزمان وإن لم یکن ظاهراً فی‏‎ ‎‏الفور ولا فی التراخی ولکن لایمکن التمسّک به للتراخی بواسطة الإطلاق ، ولا‏‎ ‎‏التمسّک بالبراءة العقلیة لنفی الفوریة ؛ لأنّه یمکن أن یقال : إنّ الفوریة وإن کان غیر‏‎ ‎‏ملحوظة قیداً فی المتعلّق إلاّ أنّها من لوازم الأمر المتعلّق به ؛ فإنّ الأمر تحریک إلی‏‎ ‎‏العمل وعلّة تشریعیة ، وکما أنّ العلّة التکوینیة لا تنفکّ عن معلولها فی الخارج ،‏‎ ‎‏کذلک العلّة التشریعیة تقتضی عدم انفکاکها عن معلولها فی الخارج ؛ وإن لم یلاحظ‏‎ ‎‏الآمر ترتّبه علی العلّة فی الخارج قیداً‏‎[1]‎‏ ، انتهی .‏


کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 244
وکفاک دلیلاً فی جواب‏ ما اختاره ما مرّ من أنّهما فی العلّیة والتأثیر مختلفان‏‎ ‎‏متعاکسان‏‎[2]‎‏ ؛ حیث إنّ المعلول فی التکوین متعلّق بتمام حیثیته بنفس وجود علّته ،‏‎ ‎‏بخلاف التشریع .‏

‏علی أنّ عدم الانفکاک فی التکوین لأجل الضرورة والبرهان القائم فی‏‎ ‎‏محلّه‏‎[3]‎‏ ، وأمّا الأوامر فنجد الضرورة علی خلافه ؛ حیث إنّ الأمر قد تتعلّق بنفس‏‎ ‎‏الطبیعة ؛ مجرّدةً عن الفور والتراخی ، واُخری متقیّداً بواحد منهما ، ولانجد فی ذلک‏‎ ‎‏استحالة أصلاً .‏

أضف إلی ذلک :‏ أنّ مقتضی الملازمة بین الوجوب والإیجاب أنّ الإیجاب إذا‏‎ ‎‏تعلّق بأیّ موضوع علی أیّ نحو کان یتعلّق الوجوب به لا بغیره ، فإذا تعلّق الأمر‏‎ ‎‏بنفس الطبیعة لایمکن أن یدعو إلی أمر زائد عنها ؛ من زمان خاصّ أو غیره .‏

‏فوزان الزمان وزان المکان ، وکلاهما کسائر القیود العرضیة لایمکن أن‏‎ ‎‏یتکفّل الأمر المتعلّق بنفس الطبیعة إثبات واحد منها ؛ لفقد الوضع والدلالة وانتفاء‏‎ ‎‏التشابه بین التکوین والتشریع ، فتدبّر .‏

‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 245

  • )) الصلاة ، المحقّق الحائری : 573 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 227 .
  • )) الشفاء ، الإلهیّات : 261 ، الحکمة المتعالیة 2 : 203 و 226 و 229 .