تتمیم‏: فی إتیان الفعل بداعی المصلحة أو الحسن أو المحبوبیة

تتمیم : فی إتیان الفعل بداعی المصلحة أو الحسن أو المحبوبیة

‏ ‏

‏هذا کلّه لو قلنا بأنّ المعتبر فی العبادات هو قصد الأمر ، وأمّا لو قلنا بأنّ‏‎ ‎‏المعتبر فیها هو إتیان الفعل بداعی المصلحة أو الحسن أو المحبوبیة ، فقد ذهب‏‎ ‎‏المحقّق الخراسانی إلی أنّ أخذها بمکان من الإمکان ، لکنّها غیر مأخوذة قطعاً ؛‏‎ ‎‏لکفایة الاقتصار علی قصد الامتثال‏‎[1]‎‏ .‏

الظاهر :‏ أنّ بعض الإشکالات المتقدّمة واردة علی المفروض ، فیقال فی‏‎ ‎‏تقریره : إنّ داعویة المصلحة ـ مثلاً ـ لمّا کانت مأخوذة فی المأمور به تصیر الداعویة‏‎ ‎‏متوقّفة علی نفسها ، وداعیة إلی داعویة نفسها ؛ لأنّ الفعل لایکون بنفسه ذا مصلحة‏

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 222
‏حتّی یکون بنفسه داعیاً إلی الإتیان ، بل بقید داعویتها . فلابدّ أن یکون الفعل مع هذا‏‎ ‎‏القید ـ القائم بهما المصلحة ـ داعیاً إلی الإتیان ، وهذا عین الإشکال المتقدّم .‏

‏وأیضاً لمّا کانت المصلحة قائمة بالمقیّد یکون الفعل غیر ذی المصلحة ، فلا‏‎ ‎‏یمکن قصدها إلاّ علی وجه دائر ؛ لأنّ قصد المصلحة یتوقّف علیها ، وهی تتوقّف‏‎ ‎‏علی قصدها بالفرض .‏

ویرد أیضاً ما قرّر هناک :‏ من أنّ الداعی مطلقاً فی سلسلة علل الإرادة‏‎ ‎‏التکوینیة ؛ فلو اُخذ فی العمل الذی هو فی سلسلة المعالیل یلزم أن یکون الشیء‏‎ ‎‏علّة لعلّة نفسه ، فإذا امتنع تعلّق الإرادة التکوینیة امتنع تعلّق التشریعیة ؛ لأنّها فرع‏‎ ‎‏إمکان الاُولی .‏

ولک أن تذبّ عن الأوّل :‏ ببعض ما قدّمناه فی قصد الأمر . وأضف إلیه : أنّه‏‎ ‎‏یمکن أن یقال : إنّ للصلاة مصلحة بنحو الجزء الموضوعی ، ولمّا رأی المکلّف أنّ‏‎ ‎‏قصدها متمّم للمصلحة ؛ فحینئذٍ لامحالة تصیر داعیة إلی إتیانها بداعی المصلحة ،‏‎ ‎‏من غیر لزوم کون الداعی داعیاً .‏

‏وبذلک یتّضح قطع الدور ؛ فإنّ قصد المصلحة ـ التی هی جزء الموضوع ـ‏‎ ‎‏یتوقّف علیها ، وهی لا تتوقّف علی القصد ، وبما أنّ المکلّف شاعر بأنّ هذا القصد‏‎ ‎‏موجب لتمامیة الموضوع وحصول الغرض فلا محالة تصیر داعیاً إلی إتیان الفعل‏‎ ‎‏قاصداً . نعم لایمکن قصد تلک المصلحة مجرّدة ومنفکّة عن الجزء المتمّم ، وفیما‏‎ ‎‏نحن فیه لایمکن التفکیک بینهما .‏

وأمّا الجواب عن الثالث :‏ فبمثل ما سبق من أنّ الداعی والمحرّک إلی إتیان‏‎ ‎‏المأمور به بعض المبادئ الموجودة فی نفس المکلّف ، کالحبّ والخوف والطمع ،‏‎ ‎‏وتصیر تلک المبادئ داعیة إلی طاعة المولی ، بأیّ نحو أمر وشاء .‏


کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 223
‏فإذا أمر بإتیان الصلاة بداعی المصلحة تصیر تلک المبادئ المتقدّمة داعیة إلی‏‎ ‎‏إتیانها بداعی المصلحة ، من غیر لزوم تأثیر الشیء فی علّته . ألا تری أنّک إذا‏‎ ‎‏أحببت شخصاً جلیلاً ـ حبّاً شدیداً ـ فأمرک بإتیان مبغوض لک تجد فی نفسک‏‎ ‎‏داعیاً إلی إتیانه لأجل حبّه وإرادة طاعته وطلب مرضاته ، من غیر لزوم الدور .‏

‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 224

  • )) کفایة الاُصول : 97 .