الأمر الثالث کلام صاحب الفصول و مناقشته

الأمر الثالث کلام صاحب الفصول ومناقشته

‏ ‏

‏وممّن خالف مع ما نقل من أهل المعقول فی الفرق المزبور صاحب‏‎ ‎‏«الفصول» ، وحاصل کلامه ـ بطوله وتعقیده ـ : أنّ الحمل یتقوّم بمغایرة ـ باعتبار‏‎ ‎‏الذهن فی لحاظ الحمل ـ واتّحاد ـ باعتبار ظرف الحمل من ذهن أو خارج ـ ثمّ‏‎ ‎‏التغایر قد یکون اعتباریاً والاتّحاد حقیقیاً ، وقد یکون حقیقیاً والاتّحاد اعتباریاً ،‏‎ ‎‏فلابدّ فیه من أخذ المجموع من حیث المجموع شیئاً واحداً ، وأخذ الأجزاء‏‎ ‎‏لا بشرط واعتبار الحمل بالنسبـة إلی المجموع حتّی یصـحّ الحمل . والعرض لمّا‏‎ ‎‏کان مغایراً لموضوعه لابدّ فی حمله علیه من الاتّحاد علی النحو المذکور ، مع أنّا‏‎ ‎‏نری بالوجدان عدم اعتبار المجموع ؛ من حیث المجموع ، بل الموضوع المأخوذ‏‎ ‎‏هو ذات الأشیاء .‏

‏فیتّضح من ذلک : أنّ الحمل فیها لأجل اتّحاد حقیقی بین المشتقّ والذات ،‏‎ ‎‏فلابدّ أن یکون المشتقّ دالاًّ علی أمر قابل للحمل ؛ وهو عنوان انتزاعی من الذات .‏‎ ‎‏بلحاظ التلبّس بالمبدأ ، فیکون المشتقّ مساوقاً لقولنا ذی کذا ؛ ولذا یصحّ الحمل‏‎[1]‎‏ ،‏‎ ‎‏انتهی بتوضیح وتلخیص منّا .‏

قلت :‏ ما ذکره أو حقّقه لایخلو عن جودة ، ولعلّه یرجع مغزاه إلی ما حقّقناه ،‏‎ ‎‏مع فرق غیر جوهری .‏


کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 177
‏وما أورد علیه المحقّق الخراسانی‏‎[2]‎‏ کأنّه أجنبی من کلامه ؛ خصوصاً قوله‏‎ ‎‏مع وضوح عدم لحاظ ذلک فی التحدیدات ؛ فإنّ صاحب «الفصول» لم یدّع اعتبار‏‎ ‎‏المجموع فی مطلق الحمل ، بل فیما یکون التغایر حقیقیاً والاتّحاد اعتباریاً . نعم‏‎ ‎‏یـرد علیه : أنّ ذلک الاعتبار لایصحّح الحمل ، وهو لایضرّ بدعواه فیما نحن فیه ،‏‎ ‎‏فراجع «الفصول» .‏

ثمّ اعلم :‏ أنّ الحمل الذی مفاده الهوهویـة ـ علی مـا تقدّم ـ متقوّم بالاتّحاد‏‎ ‎‏بین الموضوع والمحمول فی نفس الأمـر ، وإنّما أراد المتکلّم الإخبار بهذا الاتّحاد‏‎ ‎‏الواقعی ، فکما لایکون التغایر الواقعی متحقّقـاً فی القضایا الصادقة ، کذلک لا معنی‏‎ ‎‏للتغایر الاعتباری واعتبار التغایر بوجـه ؛ لأنّ اعتبار التفکیک ینافی الإخبار‏‎ ‎‏بالاتّحاد والهوهویة .‏

‏نعم ، تغایر الموضوع والمحمول فی القضیة اللفظیة والمعقولة وجوداً أو‏‎ ‎‏مفهوماً أیضاً ممّا لابدّ منه ، فإذا قلت : «زید زید» یتکرّر اللفظان فی ذهن المتکلّم‏‎ ‎‏وکلامه وذهن المخاطب ، وهما موجودان حاکیان عن هویة واحدة فی نفس الأمر ،‏‎ ‎‏من غیر تکثّر واقعی ، ولا اعتبار التکثّر بین زید ونفسه فی الواقع وظرف الإخبار ؛‏‎ ‎‏فإنّ الاعتبار الکذائی ینافی الإخبار بالوحدة .‏

‏وتوهّم : لزوم اعتبار التغایر ؛ لئلاّ یلزم حمل الشیء علی نفسه ، ولا تحقّق‏‎ ‎‏النسبة بینه وبین نفسه ، مدفوع بما تقدّم تحقیقه ؛ من عدم تقوّم القضایا التی مفادها‏‎ ‎‏الهوهویة بالنسبة ، بل النسبة فیها باطلة .‏

‏وحمل الشیء علی نفسه ـ بمعنی الإخبار عن کون الشیء نفسه ـ لیس غیر‏

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 178
‏صحیح جدّاً ، بل ضروری الصحّة . فما فی کلام بعض الأعیان من المحشّین من‏‎ ‎‏التغایر الاعتباری بینهما الموافق لنفس الأمر‏‎[3]‎‏ فلیس بتامّ .‏

‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 179

  • )) الفصول الغرویة : 62 / السطر5 .
  • )) کفایة الاُصول : 75 ـ 76 .
  • )) نهایة الدرایة 1 : 232 .