بطلان مقالة الأعمّی لامتناع تصویر الجامع

بطلان مقالة الأعمّی لامتناع تصویر الجامع

‏ ‏

‏والتحقیق فی نقد مقالة الأعمّی أن یقال ـ مضافاً إلی ما عرفت من کون‏‎ ‎‏المتبادر هو المتلبّس ـ إنّه لا محیص للقائل بالأعمّ عن تصویر جامع بین المتلبّس‏‎ ‎‏والمنقضی عنه المبدأ حتّی یصیر الاشتراک معنویاً ؛ إذ لولاه یلزم الاشتراک اللفظی أو‏‎ ‎‏کون الوضع عامّاً والموضوع له خاصّاً ، والقائل یعترف بفسادهما ، ولو امتنع تصویر‏‎ ‎‏الجامع بینهما یسقط دعواه ، من دون أن نحتاج إلی إقامة برهان ومزید بیان .‏

‏ولکن التدبّر التامّ یعطی امتناع تصوّر جامع بینهما ؛ إذ الجامع الذاتی بین‏‎ ‎‏الواجد والفاقد والموجود والمعدوم لایتصوّر أصلاً ؛ إذ المدّعی : أنّ الفاقد یصدق‏‎ ‎‏علیه المشتقّ فی حال فقدانه ؛ لأجل التلبّس السابق ، لا أنّه لأجل الجری علیه‏‎ ‎‏بلحاظ حال التلبّس ؛ إذ هو حقیقة حتّی فیما سیأتی إذا کان الجری بلحاظ حال‏‎ ‎‏تلبّسه بالاتّفاق .‏

‏وأمّا الانتزاعی البسیط فممتنع أیضاً ؛ إذ المدّعی : أنّه حقیقة فی الواجد‏‎ ‎‏والفاقد فعلاً إن کان متلبّساً فیما قبل ، والمفهوم البسیط لایمکن أن یتکفّل لإفادة‏

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 161
‏هذا المعنی المرکّب علی نحو یدخل فیه هذان المعنیان ، ویخرج ما یتلبّس بعد .‏

‏وأمّا الجامع البسیط المنحلّ إلی المرکّب فهو أیضاً غیر متصوّر ؛ إذ هو لابدّ‏‎ ‎‏أن ینتزع من الواقع ، والانتزاع عنه فرع صلاحیة الواقع له .‏

‏وما ربّما یقال : من أنّ الجامع ما خرج من العدم إلی الوجود مدفوع بأنّه‏‎ ‎‏یستلزم أن یکون حقیقة فی الماضی فقط ، ولو اُضیف إلیه قید آخر لإدخال‏‎ ‎‏المتلبّس بالفعل یوجب ذلک ترکّبه علی نحو أفحش ، ولا أظنّ أن یرضی به القائل‏‎ ‎‏بالأعمّ ، مع أنّ وضعه لهذا المفهوم ؛ أی ما خرج إلی الوجود أو ما تلبّس فی الجملة‏‎ ‎‏أو نظائرهما خلاف الضرورة .‏

‏أضف إلی ذلک : أنّ الالتزام بالترکیب التفصیلی من غیر جامع وحدانی‏‎ ‎‏مساوق للالتزام بالاشتراک ـ ولو بوضع واحد ـ وذلک من غیر فرق بین القول بأخذ‏‎ ‎‏الزمان فی المشتقّ وعدمه ، أو أخذ الذات وعدمه ؛ لعدم الوضع للذات أو الزمان بما‏‎ ‎‏هما ، بل لابدّ من تقییدهما بالتلبّس والانقضاء ، مع عدم الجامع بینهما مطلقاً .‏

‏فحینئذٍ لیس للقائل بالأعمّ مفرّ ، وأحسب أنّ القائل اعتمد علی إطلاق‏‎ ‎‏المشتقّ ـ أحیاناً ـ علی ما انقضی عنه المبدأ وزعم أنّه حقیقة ، من دون أن یتفکّر‏‎ ‎‏فی جامعه أهو بسیط أو مرکّب ؟ والبسیط مقولی أو انتزاعی ؟ ثمّ الانتزاعی أهو‏‎ ‎‏قابل للانحلال أولا ؟‏

‏وبالجملة : أنّ عجزه فی تصویر الجامع کافٍ فی بطلان مرامه ، والأولی‏‎ ‎‏الصفح عمّا استدلّ به علی مختاره ، مثل دعوی التبادر فی المقتول والمضروب ، وأنّ‏‎ ‎‏المتبادر هو الأعمّ ، مع أنّ فیه منعاً واضحاً ؛ لأنّ استعمال المضروب وأمثاله إنّما هو‏‎ ‎‏بلحاظ حال التلبّس ، وإلاّ فأیّ فرق بینه وبین اسم الفاعل ؟ إذ الضاربیة والمضروبیة‏‎ ‎‏متضائفتان ، وهما متکافئتان قوّة وفعلاً ، عرفاً وعقلاً .‏


کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 162
‏والعجب من بعض الأعاظم ؛ حیث تسلّم دلیل الخصم والتجأ إلی إخراج اسم‏‎ ‎‏المفعول ؛ قائلاً بأنّه موضوع لمن وقع علیه الحدث ، وهو أمر لایعقل فیه الانقضاء‏‎[1]‎‏ .‏

‏وفیه : أنّه أیّ فرق بینه وبین اسم الفاعل ؛ لأنّه یمکن أن یقال فیه أیضاً : إنّه‏‎ ‎‏موضوع لمن صدر منه الضرب ، وهو أمر لایعقل فیه الانقضاء بالمعنی الذی لایعقل‏‎ ‎‏فی اسم المفعول .‏

‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 163

  • )) أجود التقریرات 1 : 83 ـ 84 .