الأمر الثانی عشر فی الاشتراک

الأمر الثانی عشر فی الاشتراک

‏ ‏

‏الحقّ : وقوع الاشتراک ؛ فضلاً عن إمکانه ، ومنشؤه : إمّا تداخل اللغات ، أو‏‎ ‎‏حدوث الأوضاع التعیّنیة بالاستعمال فیما یناسب المعنی الأوّل ، أو غیر ذلک من‏‎ ‎‏الأسباب .‏

وقد أفرط جماعة‏ ، فذهبوا إلی وجوبه ؛ لتناهی الألفاظ وعدم تناهی‏‎ ‎‏المعانی‏‎[1]‎‏ .‏

وفیه :‏ أنّه إن اُرید من عدم التناهی معناه الحقیقی فمردود بعدم الحاجة إلی‏‎ ‎‏الجمیع ـ لو سلّمنا عدم التناهی فی نفس الأمر ـ مع أنّ فیه إشکالاً ومنعاً ، وإن اُرید‏‎ ‎‏منه الکثرة العرفیة فنمنع عدم کفایتها مع کثرة الوضع للکلّیات .‏

کما فرّط آخرون‏ ، فاختاروا امتناعه ؛ استناداً إلی أنّ الوضع عبارة عن جعل‏‎ ‎‏اللفظ عنواناً مرآتیاً للمعنی وفانیاً فیه‏‎[2]‎‏ . وقد یقال فی جواب ذلک : إنّ الوضع‏‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 129
‏یوجب استعداد اللفظ للمرآتیة ، وبالاستعمال تصیر فعلیاً‏‎[3]‎‏ .‏

والجواب :‏ أنّ صیرورة اللفظ فانیاً فی المعنی غیر معقولة ، إن قصّرنا النظر‏‎ ‎‏إلیهما وقطعنا النظر عن لحاظ المتکلّم . وتوهّم : کونه فی لحاظ المتکلّم کذلک ، وأنّه‏‎ ‎‏یلاحظ اللفظ منظوراً به لا منظوراً فیه لایوجب امتناع جعله مرآتین .‏

‏ومن ذلک یظهر : فساد ما برهن به أیضاً علی الامتناع ؛ من أنّ الوضع عبارة‏‎ ‎‏عن جعل الملازمة الذهنیة بین اللفظ والمعنی أو ما یستلزمها ، فحینئذٍ یلزم من‏‎ ‎‏الوضع لمعنیین أن یحصل عند تصوّر اللفظ انتقالان مستقلاّن دفعة واحدة‏‎[4]‎‏ .‏

‏وأنت خبیر بما فیه ؛ إذ لم یقم البرهان علی کون الاستقلال ـ بمعنی عدم‏‎ ‎‏وجود انتقال آخر معه ـ من لوازم الوضع .‏

‏وإن اُرید من الاستقلال ما یکون فی مقابل الانتقال إلی معنی واحد منحلّ إلی‏‎ ‎‏اثنین ، کمفهوم الاثنین ؛ حیث یکون الانتقال إلی الواحد فی ضمنه ففیه ـ مضافاً‏‎ ‎‏إلی عدم لزومه لو استعمل فی واحد ، واُقیم قرینة علیه ـ أنّا لا نسلّم امتناعه بل هو‏‎ ‎‏واقع ، کما سیجیء عن قریب إن شاء الله .‏

‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 130

  • )) اُنظر کفایة الاُصول : 52 ، نهایة الأفکار 1 : 103 .
  • )) اُنظر بدائع الأفکار (تقریرات المحقّق العراقی) الآملی 1 : 144 .
  • )) بدائع الأفکار (تقریرات المحقّق العراقی) الآملی 1 : 145 .
  • )) اُنظر تشریح الاُصول : 47 / السطر19 .