الثالث‏: فی التمسّک بالإطلاق بناءً علی کون الأسامی للمسبّبات

الثالث : فی التمسّک بالإطلاق بناءً علی کون الأسامی للمسبّبات

‏ ‏

‏ربّما یقال إنّه بناءً علی کون الأسامی للمسبّبات لایجوز التمسّک بالإطلاق‏‎ ‎‏عند الشکّ ؛ لأنّ أمر المسبّب دائر بین الوجود والعدم ـ کما تقدّم ـ فالتمسّک بإطلاق‏‎ ‎‏أدلّة الإمضاء للمسبّبات المعتبرة عرفاً موقوف علی رجوع الأدلّة الرادعة إلی نفی‏‎ ‎‏الآثار والخروج تخصیصاً ، لا إلی نفی أصل الاعتبار . لکنّک قد عرفت : أنّ نفی‏‎ ‎‏الآثار مع إمضاء أصل الموضوع لغو جدّاً ، بل مخالف لارتکاز أهل الشرع ، فلابدّ‏‎ ‎‏من القول برجوع الردع إلی نفی الموضوع وإخراجه تخصّصاً عن أدلّة الإمضاء .‏

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 124
‏وحینئذٍ یشکل التمسّک بالإطلاق ؛ لصیرورة الشبهة مصداقیة .‏

لا یقال :‏ بناءً علی کون الأسامی للمسبّب لانسلّم اختلاف الشرع مع العرف‏‎ ‎‏فی المفهوم ؛ ضرورة أنّ مفهوم البیع هو المبادلة المعهودة ، والإجارة هی نقل المنفعة‏‎ ‎‏بالعوض ـ مثلاً ـ عند الشرع والعرف . فحینئذٍ یرجع الردع إلی عدم اعتبار المصداق‏‎ ‎‏وإعدام الموضوع فعدم صدق البیع علی الغرری والربوی لیس للتضییق المفهومی ،‏‎ ‎‏بل لعدم اعتبار المصداق بعد التخصیص الراجع إلی التخصّص ، فلا مانع من التمسّک‏‎ ‎‏بالإطلاق والعموم ؛ لعدم جواز رفع الید عن الحجّة إلاّ بالحجّة .‏

فإنّه یقال :‏ إنّما ینتج التمسّک بالإطلاق إذا لم یکن إجمال فی الصدق وانطبق‏‎ ‎‏العنوان علی المصداق ، ولاریب فی أنّه مع احتمال عدم اعتبار الشارع معاملة‏‎ ‎‏خاصّة بکیفیة خاصّة یرجع الشکّ إلی الصدق ، فلا ینتج الإطلاق .‏

‏وبالجملة : إذا رجع ردع الشارع إلی إعدام الموضوع فمع الشکّ فی ردعه‏‎ ‎‏یشکّ فی تطبیق عنوان البیع المأخوذ فی دلیل الإمضاء علیه ، وتکون الشبهة‏‎ ‎‏مصداقیة .‏

فالتحقیق أن یقال :‏ إنّ الأدلّة الإمضائیة لیست إلاّ تصدیقاً للمعانی المرتکزة‏‎ ‎‏فی أذهان أهل العرف ؛ إذ أعاظم أصحاب النبی ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏ ، بل کلّهم ـ وهم العرب‏‎ ‎‏الإقحاح ـ لم یفهموا من قوله تعالی : ‏‏«‏‏ ‏أَحَلَّ الله ُ البَیْعَ‏ ‏‏»‏‎[1]‎‏ ، ومن قوله ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏ :‏‎ ‎«الصلح جائز بین المسلمین»‎[2]‎‏ ، إلاّ ما کان یفهمون من نظائرهما قبل نزول الوحی ،‏‎ ‎‏ولم یکن منطق النبی ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏ إلاّ کمنطق بعضهم مع بعض . فحینئذٍ : لا تکون أدلّة‏

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 125
‏الردع إلاّ تخصیصاً حکمیاً لا إعداماً للموضوع وإخراجاً تخصّصیاً ؛ إذ الموضوع هو‏‎ ‎‏المعنی العرفی .‏

‏فإخراج الربوی عنه موضوعاً : إمّا یراد به إخراجه عن محیط العرف وهو‏‎ ‎‏باطل ؛ لرجوعـه إلی إعدام اعتبـار أهل العرف ، وهو لیس فی قوّة التشریع ، کما‏‎ ‎‏هـو واضح .‏

‏وإمّا عن محیط الشرع وهو مسلّم ؛ لما عرفت من أنّ رفع الحکم عنه یلازم‏‎ ‎‏إلغاء موضوعیته دفعاً للّغویة ، لکن هذا المعنی لایوجب إخراجه عن تحت أدلّة‏‎ ‎‏الإمضاء موضوعاً ؛ لأنّ المفروض أنّ موضوعها عرفی لاشرعی ، ولاینافی ذلک ما‏‎ ‎‏مرّ من أنّ البیع الربوی ونکاح المحارم فی أذهان المتشرّعة خارج موضوعاً ؛ إذ‏‎ ‎‏ذلک لا یستلزم کونه کذلک فی ناحیة بناء العقلاء الذی یتوجّه إلیه العمومات‏‎ ‎‏والإطلاقات ، ویکون هو المرجع فیها .‏

‏هذا ، وقد یتمسّک هنا بالإطلاق المقامی لکشف حال الموضوع ، ولکن ذلک‏‎ ‎‏إذا لم یثبت إطلاق لفظی ، وإلاّ استغنی به عنه .‏

إذا عرفت ذلک فاعلم :‏ أنّ التبادر وارتکاز المتشرّعة وغیرهما تساعد‏‎ ‎‏علی کون أسماء المعاملات أسامی للمسبّبات ؛ أعنی تبادل المالین فی البیع ، وما‏‎ ‎‏أشبهه فی سائر المعاملات ، والمراد من المسبّب ما یحصل بالأسباب ویوجد بها .‏

‏وتخیّل کونها موضوعة لنفس الأسباب المحصّلة لها أو النتیجة الحاصلة من‏‎ ‎‏الأسباب والمسبّبات ـ من صیرورة العوض ملکاً للمشتری والثمن للبایع مثلاً ـ‏‎ ‎‏مدفوع بکون الارتکاز علی خلاف الأوّل ، وأمّا الثانی ـ أعنی کونها موضوعة‏‎ ‎‏لنفس النتیجة ـ فیردّه عدم صحّة إطلاق عنوان البیع أو الإجارة أو غیرهما علی‏‎ ‎‏النتیجة ، وقد عرفت سابقاً : أنّه ـ بناءً علی کونها موضوعة للمسبّبات ـ یرتفع النزاع‏

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 126
‏من البین ؛ لدوران أمرها ـ حینئذٍ ـ بین أحد الأمرین : الوجود والعدم .‏

‏نعم ، علی القول بکونها موضوعة للأسباب فالتبادر یساعد القول بالأعمّ ،‏‎ ‎‏مضافاً إلی ما عرفت من کیفیة الوضع .‏

‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 127

  • )) البقرة (2) : 275 .
  • )) الفقیه 3 : 20 / 52 ، وسائل الشیعة 18 : 443 ، کتاب الصلح ، الباب 3 ، الحدیث 2 .