منها‏: إطلاق اللفظ و إرادة شخصه

منها : إطلاق اللفظ وإرادة شخصه

‏ ‏

‏والتحقیق : أنّه من باب إیجاد صورة الموضوع فی ذهن السامع ؛ لینتقل منه‏‎ ‎‏إلی نفس الموضوع ، لا من باب کون اللفظ دالاًّ علی نفسه ولا مستعملاً فی نفسه ؛‏‎ ‎‏وذلک لأنّ الحروف المتصرّمة إذا صدرت عن المتکلّم وتمّت الکلمة وخلصت عن‏‎ ‎‏مقاطع فمه یحصل منها صورة فی ذهن السامع ؛ من قرع الهواء وتموّجه فی ناحیة‏‎ ‎‏الصماخ ، حتّی یمرّ عن الحسّ المشترک والخیال ویصل إلی النفس .‏

‏ولیس الموجود فیها عین الموجود فی عالم الخارج عیناً وشخصاً ، وإلاّ‏‎ ‎‏لانقلب الذهن خارجاً . وحینئذٍ إذا حمل علیه ما یکون من خواصّ هذا اللفظ فی‏‎ ‎‏الخارج ، وقام قرینة علیه یتوجّه ذهنه من الصورة المتصوّرة إلی اللفظ الصادر أوّلاً .‏

‏والحاصل : أنّ ذاک الموجود المتصرّم یوجد فی نفس السامع ما یصیر حاکیاً‏‎ ‎‏عنه فی الآن المتأخّر ، لا کحکایة اللفظ من معناه ؛ إذ الصورة الذهنیة للّفظ لم یوضع‏‎ ‎‏لها ذاک اللفظ .‏

‏وإن شئت قلت : إنّ الانتقال فیه کالحرکة الانعطافیة ؛ إذ ینتقل فیه من اللفظ‏‎ ‎‏إلی صورة اللفظ الموجودة فی النفس ، ومنها إلی اللفظ الخارجی ، وهذا بخلاف‏‎ ‎‏الدلالة والاستعمال ؛ لأنّه ینتقل فیهما من اللفظ إلی صورته ، ومنها إلی المعنی .‏

‏نعم ، لا مشاحة فی إطلاق الدلالة علی الأوّل أیضاً بجعل اللفظ دالاًّ بواسطة‏‎ ‎‏إیجاد کاشفه ، ومدلولاً فی الآن المتأخّر ؛ لانکشافه به .‏


کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 65
‏وأمّا جعله من قبیل الدلالة الوضعیة بالمعنی المصطلح فغیرمعقول ؛لاستلزامه‏‎ ‎‏اتّحاد الدالّ والمدلول . والتعدّد الاعتباری لایجدی ؛ إذ عنوان الصادریة وما قاربها‏‎ ‎‏أمر منتزع بعد صدور اللفظ ، فکیف یکون أمراً مصحّحاً للاستعمال الواقع قبله ؟‏

‏أضف إلی ذلک : أنّه یستلزم الجمع بین اللحاظین المختلفین فی شیء واحد ؛‏‎ ‎‏ضرورة أنّ اللفظ عند الاستعمال لایلاحظ إلاّ آلیاً ، والمعنی المراد لایقصد إلاّ‏‎ ‎‏استقلالیاً ، وهو لازم کونه دالاًّ ومدلولاً . وأمّا حمل ذلک علی إلقاء الموضوع فی‏‎ ‎‏ذهن السامع فهو أفسد ؛ إذ الموضوع للحکم لیس إلاّ الهویة الخارجیة ، ولا تنال‏‎ ‎‏النفس متن الأعیان ، ولایمکن إلقاؤها فی ذهن السامع .‏

‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 66