استدلال النافین لحجّیة الخبر الواحد بالسنّة
فهی مع کثرتها تنقسم إلی أقسام :
منها : ما یدلّ علی عدم جـواز العمل بالخبر إلاّ إذا وجـد شاهـد أو شاهـدان مـن کتاب الله أو من قول رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم یصدق مضمون الخبر ،
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 434
وهذا أیضاً مضمون ما دلّ علی عدم جواز الأخذ إلاّ بما وافق کتاب الله .
وغیر خفی علی الخبیر : أ نّه إذا وجد شاهد أو شاهدان من الکتاب والسنّة علی حکم مطابق لمضمون الخبر فلا حاجة عندئذٍ علی الخبر الوارد فی المقام .
فلا مناص حینئذٍ عن حملها علی مورد التعارض والترجیح بموافقة الکتاب والسنّة ، فتقع تلک الطائفة فی عداد الأخبار العلاجیة ، ویکون من أدلّة حجّیة الخبر الواحد فی نفسه عند عدم المعارض .
ومنها : ما یدلّ علی طرح الخبر المخالف للکتاب .
والتدبّر فی هذه الطائفة یعطی کونها آبیة عن التخصیص ، وعلیه فلو قلنا بعمومها وشمولها لعامّة أقسام المخالفة ـ من الخصوص المطلق ومن وجه والتباین الکلّی ـ یلزم خلاف الضرورة ؛ فإنّ الأخبار المقیّدة أو المخصّصة للکتاب قد صدرت من النبی والخلفاء من بعده صلی الله علیه و آله وسلم بلا شکّ ، فلابدّ من حملها علی المخالف بالتباین الکلّی .
وتوهّم : أنّ الکذب علی رسول الله والخلفاء من بعده علی وجه التباین الکلّی لا یصدر من خصمائهم ؛ لظهور بطلان مزعمته ، مدفوع بأنّ الفریة إذا کان علی وجه الدسّ فی کتب أصحابنا یحصل لهم فی هذا الجعل والبهتان کلّ مقاصدهم ؛ من تضعیف کتب أصحابنا بإدخال المخالف لقول الله ورسوله فیها ؛ حتّی یشوّهوا سمعة
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 435
أئمّة الدین بین المسلمین ، وغیرهما من المقاصد الفاسدة التی لا تحصل إلاّ بجعل أکاذیب واضحة البطلان .
ومنها : ما دلّ علی طرح غیر الموافق ، وهو یرجع إلی المخالف عرفاً .
ثمّ إنّ الاستدلال بهذه الروایات فرع کونها متواترة الوصول إلینا فی تمام الطبقات ، فثبوت التواتر فی بعض الطبقات لا یفید .
ولکن التواتر علی هذا الوصف غیر ثابتة ؛ فإنّ عامّة الروایات منقولة عن عدّة کتب لم نقطع بعدم وقوع النسیان والاشتباه فیها .
ثمّ لو سلّم کونها متواترة الوصول من قرون الصادقین إلی عصر أصحاب الکتب فلا محالة یصیر التواتر إجمالیاً .
وعلیه : لابدّ من الأخذ بالقدر المتیقّن ؛ وهو الأخصّ من الجمیع ، والمتیقّن من المخالفة لیس إلاّ التباین الکلّی أو العموم من وجه ـ علی تأمّل ـ وأمّا المخالفة علی النحو العموم المطلق فلیست مخالفة فی محیط التقنین ، علی ما عرفت من صدور الأخبار المخصّصة والمقیّدة عنهم علیهم السلام بالضرورة ، فکیف یحمل علیها هذه الروایات ؟
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 436