إشکال وجواب
أمّا الأوّل : فیمکن أن یقال إنّ بین عنوانی المحرّم الواقعی والمشتبه عموم من وجه ، فهل یمکن أن یتعلّق بهما حکمان فعلیان ، کما فی باب الاجتماع ؟ والتصادق فی الخارج لا یوجب التضادّ .
وبعبارة أوضح : أ نّه قد مرّ الکلام فی أنّ مصبّ الأحکام هو العناوین الطبیعیة ، وأنّ المصادیق الخارجیة لا یعقل تعلّق الإرادة بها ؛ فإنّ الخارج ظرف
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 356
السقوط لا الثبوت ، وعلی ذلک بنینا جواز تعلّق الوجوب بالصلاة والحرمة بالغصب ؛ لانفکاکهما فی لحاظ تعلّق الأحکام ، وأنّ اجتماعهما فی الخارج أحیاناً لا یستلزم الأمر والنهی بشیء واحد .
وعلیه فیمکن أن یقال : إنّ الحرمة القطعیة قد تعلّقت بالخمر الواقعی ، والترخیص بالمشتبه بما هو مشتبه . والتصادف فی الخارج لا یستلزم جعل الترخیص فی محلّ النهی .
وأمّا الثانی : فإنّ الکلام فی المقام إنّما هو فی مقدار تنجیز القطع ثبوتاً ، وأ نّه إذا تعلّق بشیء إجمالاً فهل یجوز الترخیص فی بعض الأطراف أو تمامها ، أو لا ؟ فتعلّق الترخیص بعنوان آخر خارج عن محطّ البحث .
فإن قلت : الظاهر أنّ هذا ینافی ما مرّ من أنّ وجه الامتناع مقدّم رتبةً علی منجّزیة العلم ، فالامتناع حاصل ؛ کان العلم منجّزاً أو لا .
قلت : لا تنافی ذلک ما مرّ ؛ لأنّ ما مرّ فی وجه امتناع الترخیص ـ فقلنا إنّ علّة الامتناع مقدّم رتبة ـ والکلام هاهنا فی مقدار تنجیز العلم ، لا وجه الامتناع ، فافهم . هذا أوّلاً .
وثانیاً : أنّ جعل الترخیص بعنوان مشتبه الحرام ناظر إلی ترخیص الحرام الواقعی علی فرض التصادف ، وهو لا یجتمع مع الحرمة الفعلیة ـ وإن قلنا بجواز الاجتماع ـ لأنّ الحکمین فی باب الاجتماع متعلّقان بعنوانین غیر ناظرین إلی الآخر . وأمّا فیما نحن فیه یکون الترخیص ناظراً إلی ترخیص الواقع بعنوان التوسعة ، وهو محال مع الحکم الفعلی ، فلا یرتبط بباب الاجتماع .
والحاصل : أنّ قول الشارع «أقم الصلاة» لیس ناظراً إلی قوله الآخر «لا تغصب» ، واجتماعهما صدفة فی مورد لا یرتبط بمقام الجعل ، وأمّا المقام
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 357
فالمولی إذا علم بأنّ بعض تکالیفه القطعیة ربّما یخفی علی المکلّف ؛ من حیث الإجمال ، فلو رخّص فی مقام الامتثال ، وقال «رفع عن اُمّتی ما لا یعلمون» یکون ناظراً إلی ما أوجبه علی المکلّف ، فمع الإرادة القطعیة علی الامتثال مطلقاً لا یصحّ الترخیص منه قطعاً ، فتدبّر .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 358