البحث فی علم الجنس

البحث فی علم الجنس

‏ ‏

‏وهو کـ «اُسامة» و«ثعالة» ، فلا إشکال فی أنّه یعامل معه معاملة المعرفة ،‏‎ ‎‏فیقع مبتدأ وذا حال ویوصف بالمعرفة .‏

والمنقول هنا‏ فی إجراء أحکام المعرفة علیه وجهان :‏

‏الأوّل : أنّ تعریفه تعریف لفظی ، کالتأنیث اللفظی ، ومفاده عین مفاد اسم‏‎ ‎‏الجنس بلا فرق بینهما .‏

‏الثانی : أنّه موضوع للطبیعة لا بما هی هی ، بل بما هی متصوّرة ومتعیّنة‏‎ ‎‏بالتعیّن الذهنی .‏

وأورد علیه المحقّق الخراسانی‏ : من أنّه یمتنع حینئذٍ أن ینطبق علی الخارج‏‎ ‎‏ویحتاج إلی التجرید عند الاستعمال ویصیر الوضع لغواً‏‎[1]‎‏ .‏

وأجاب عنه شیخنا العلاّمة‏ ـ أعلی الله مقامه ـ بأنّ اللحاظ حرفی لا اسمی ،‏‎ ‎‏وهو لا یوجب امتناع انطباقه علی الخارج‏‎[2]‎‏ .‏

وفیه :‏ أنّ کون اللحاظ حرفیاً لا یخرجه عن کون موطنه هو الذهن ، فلا‏‎ ‎‏محالة یتقیّد الطبیعة بأمر ذهنی وإن کان مرآة للخارج ، ولکن ما ینطبق علی الخارج‏‎ ‎‏هو نفس الطبیعة لا المتقیّدة بأمر ذهنی .‏

‏وکون اللحاظ مرآتیاً لیس معناه عدم تقیّدها به أو کون وجوده کعدمه ؛ إذ‏‎ ‎‏بأیّ معنی فسّر هذا اللحاظ فلا محالة یکون علم الجنس متقوّماً به حتّی یفترق عن‏

کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 268
‏اسمه ، والمتقوّم بأمر ذهنی لا ینطبق علی الخارج .‏

‏ویمکن أن یقال : إنّ الماهیة فی حدّ ذاتها لا معرفة ولا نکرة ، لا متمیّزة‏‎ ‎‏ولا غیر متمیّزة ، بل تعدّ هـذه مـن عوارضها کالوجـود والعدم ؛ لأنّ التعریف فی‏‎ ‎‏مقابل التنکیر عبارة عن التعیّن الواقعی المناسب لوعائه ، والتنکیر عبارة عن‏‎ ‎‏اللا تعیّن کذلک .‏

‏علی أنّ واحداً من التعریف والتنکیر لو کان عین الطبیعة أو جزئها یمتنع‏‎ ‎‏عروض الآخر علیها . فحینئذٍ لا بأس بأن یقال : إنّ اسم الجنس موضوعة لنفس‏‎ ‎‏الماهیة التی لیست معرفة ولا نکرة ، وعلم الجنس موضوع للماهیة المتعیّنة بالتعیّن‏‎ ‎‏العارض لها ؛ متأخّراً عن ذاتها فی غیر حال عروض التنکیر علیها .‏

وبالجملة :‏ اسم الجنس موضوع لنفس الماهیة ، وعلم الجنس موضوع‏‎ ‎‏للطبیعة بما هی متمیّزة من عند نفسها بین المفاهیم ، ولیس هذا التمیّز والتعیّن متقوّماً‏‎ ‎‏باللحاظ ، بل بعض المعانی بحسب الواقع معروف معیّن ، وبعضها منکور غیر معیّن .‏

‏ولیس المراد من التعیّن هو التشخّص الذی یساوق الوجود ؛ حتّی یصیر‏‎ ‎‏کالأعلام الشخصیة ، بل المراد منه التعیّن المقابل للنکارة . فنفس طبیعة الرجل‏‎ ‎‏لا تکون نکرة ولا معرفة ، فکما أنّ النکارة واللا تعیّن تعرضها ، کذلک التعریف‏‎ ‎‏والتعیّن ؛ فالتعریف المقابل للتنکیر غیر التشخّص .‏

فظهر :‏ أنّ الماهیة بذاتها لا معروف ولا منکور ، وبما أنّها معنی معیّن بین‏‎ ‎‏سائر المعانی وطبیعة معلومة فی مقابل غیر المعیّن معرفة .‏

‏فـ «اُسامة» موضوعة لهذه المرتبة ، واسم الجنس لمرتبة ذاتها ، وتنوین‏‎ ‎‏التنکیر یفید نکارتها ، واللا تعیّن ملحق بها کالتعیّن .‏


کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 269
ثمّ الظاهر :‏ أنّ اللام وضعت مطلقاً للتعریف ، وأنّ إفادة العهد وغیره بدالّ‏‎ ‎‏آخر ، فإذا دخلت علی الجنس وعلی الجمع تفید تعریفهما وأفادت الاستغراق ؛ لأنّ‏‎ ‎‏غیر الاستغراق من سائر المراتب لم یکن معیّناً ، والتعریف هو التعیین ، وهو حاصل‏‎ ‎‏مع استغراق الأفراد لا غیر .‏

‏وما ذکرنا فی عَلم الجنس غیر بعید عـن الصواب ؛ وإن لم یقم دلیل علی‏‎ ‎‏کونـه کذلک ، لکن مع هذا الاحتمال لا داعی للذهاب إلی التعریف اللفظی البعید‏‎ ‎‏عـن الأذهان .‏

‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 270

  • )) کفایة الاُصول : 283 ـ 284 .
  • )) درر الفوائد ، المحقّق الحائری : 232 .