الاُولی : فی أقسام القضایا بلحاظ النسبة
تقدّم القول فی أنّ القوم قد أرسلوا اشتمال القضایا علی النسبة فی الموجبات والسوالب بأقسامها إرسال المسلّمات ، وبنوا علیه ما بنوا ، ولکن التحقیق ـ کما مرّ ـ خلافه ؛ إذ الحملیة ـ کما سلف ـ علی قسمین : حملیة حقیقیة غیر مأوّلة ؛ وهی ما یحمل فیها المحمول علی موضوعه بلا أداة تتوسّط بینهما ، نحو «الإنسان حیوان ناطق» وقولک «زید قائم» ، وحملیة مأوّلة ؛ وهی علی خلاف الاُولی تتوسّط بینهما الأداة ، نحو «زید فی الدار» .
والقسم الأوّل : لا یشتمل علی النسبة مطلقاً ؛ لا علی الکلامیة ولا علی الخارجیة . ولا فرق بین أن یکون الحمل أوّلیاً أو شائعاً صناعیاً ، أو یکون الحمل علی المصداق بالذات أو بالعرض ، کما لا فرق بین الموجبات والسوالب . غیر أنّ الهیئة تدلّ فی الموجبة علی الهوهویة التصدیقیة وفی السالبة علی سلب الهوهویة کذلک ، وقد تقدّم براهین ذلک کلّه عند البحث عن الهیئات .
وأمّا القسم الثانی : فلا محالة یشتمل علی النسبة ؛ خارجیة وکلامیة وذهنیة ، لکن فی الموجبات تدلّ علی تحقّق النسبة خارجاً ، نحو قولک «زید علی السطح»
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 192
أو «زید فی الدار» ؛ فإنّهما من الحملیات المأوّلة ، کما أنّ السوالب منها باعتبار تخلّل أداة النسبة وورود حرف السلب علیها تدلّ علی سلب النسبة ، وتحکی عن عدم تحقّقها واقعاً .
فظهر : أنّ الکون الرابط أو النسبة یختصّ من بین القضایا بموجبات هذا القسم ـ أعنی الحملیة المأوّلة ـ وأمّا السوالب من هذا القسم والقسم الأوّل بکلا نوعیه فلا تشتمل علیها ؛ لما تقدّم فی محلّه من امتناع تحقّق النسبة بین الشیء ونفسه والشیء وذاتیاته کما فی الأوّلیات ، والشیء وما یتّحد معه کما فی الصناعیات . وأمّا السوالب فهی لسلب النسبة أو نفی الهوهویة ـ بناءً علی التحقیق ـ فلا محالة تکون خالیة عنها ، کما لا یخفی .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 193