الأمر الثانی فی الفرق بین المطلق و العامّ

الأمر الثانی فی الفرق بین المطلق والعامّ

‏ ‏

‏إذا أمعنت النظر فیما ذکرناه من أنّه لا جامـع قریب بین باب الإطلاق‏‎ ‎‏والعموم یظهر النظر فیما أفاده شیخنا العلاّمة‏‎[1]‎‏ وبعض الأعاظم من أنّ العموم‏‎ ‎‏قد یستفاد من دلیل لفظی ـ کلفظة «کلّ» ـ وقد یستفاد من مقدّمات الحکمة ،‏‎ ‎‏والمقصود بالبحث فی هذا الباب هو الأوّل ، والمتکفّل للثانی هو مبحث المطلق‏‎ ‎‏والمقیّد‏‎[2]‎‏ ، انتهی ملخّصاً .‏

‏وهو صریح فی أنّ العامّ علی قسمین : قسم یسمّی عامّاً وفی مقابله الخاصّ‏‎ ‎‏ویبحث عنه فی هذا المقام ، وقسم یسمّی مطلقاً وفی مقابله المقیّد ویبحث عنه فی‏‎ ‎‏باب المطلق والمقیّد .‏

أقول :‏ ما أفاداه لا یخلو من غرابة ؛ لأنّ ملاک العامّ غیر ملاک المطلق ،‏

کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 158
‏والمستفاد من الأوّل غیر المستفاد من الآخر ؛ إذ حقیقة العامّ وکیفیة دلالته قد عرفت‏‎ ‎‏بما یسعه المجال .‏

‏وأمّا المطلق فهو وقوع الطبیعة تمام الموضوع للحکم باعتبار کون المقنّن‏‎ ‎‏عاقلاً غیر ناقض لغرضه فی مقام إعطاء الدستور . وإن شئت قلت : کون الطبیعة‏‎ ‎‏موضوعاً للحکم بصرافتها وإطلاقها ، من دون أن یقیّد بوقت دون وقت أو بأمرٍ دون‏‎ ‎‏أمر ، فموضوع الحکم فی العامّ هو أفراد الطبیعة وفی المطلق هو نفسها بلا قید ، ولم‏‎ ‎‏تکن الأفراد بما هی موضوعاً للحکم .‏

‏وإن شئت فاستوضح الفرق بین العامّ والمطلق من قوله سبحانه : ‏‏«‏‏ ‏أوفُوا‎ ‎بِالعُقُودِ‏ ‏‏»‏‎[3]‎‏ ، وقوله عزّوجلّ : ‏‏«‏‏ ‏أَحَلَّ الله ُ البَیْعَ‏ ‏‏»‏‎[4]‎‏ ؛ فإنّ مفاد الأوّل هو التصریح‏‎ ‎‏بوجوب الوفاء بکلّ مصداق من العقد ، فمصبّ الحکم هو الأفراد بآلیة الجمع‏‎ ‎‏المحلّی بالألف واللام مثلاً .‏

‏ومفاد الثانی ـ بناءً علی الإطلاق وتمامیة المقدّمات ـ إثبات النفوذ والحلّیة‏‎ ‎‏لنفس طبیعة البیع ، من غیر أن یکون للموضوع کثرة .‏

‏وأمّا استکشاف صحّة هذا الفرد الخارجی من البیع فإنّما هو لأجل انطباق ما‏‎ ‎‏هو تمام الموضوع للحلّیة علیه ، من دون أن یتعرّض نفس الدلیل للکثرة ،‏‎ ‎‏وسیوافیک مزید بیان لذلک عن قریب بإذنه تعالی .‏

‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 159

  • )) درر الفوائد ، المحقّق الحائری : 210 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 511 .
  • )) المائدة (5) : 1 .
  • )) البقرة (2) : 275 .