المقام الثانی فیما إذا تعدّد الشرط شخصاً لا نوعاً
لو قال «إذا نمت فتوضّأ» ، وفرضنا أنّ المکلّف نام مکرّراً ، وشکّ فی أنّ المصداقین منه یتداخلان فی إیجاب الوضوء أو لا ، فربّما یقال بالتفریق بین ما إذا کانت العلّة نفس الطبیعة فیتداخلان ، وبین ما إذا کان السبب هو وجود کلّ فرد مستقلاًّ فلا یتداخلان .
وفیه : أنّ الکلام إنّما هو بعد الفراغ عن سببیة کلّ فرد مستقلاًّ لو وجد منفرداً ، وإلاّ فلو فرضنا أنّ السبب هو نفس الطبیعة أو احتملنا ذلک یخرج النزاع من باب تداخل الأسباب ، بل یرجع البحث إلی أنّ السبب واحد أو متعدّد .
نعم ، البحث عن تعدّد السبب أو وحدته من مبادئ المسألة المبحوث عنها هنـا بالفعل ؛ إذ لابـدّ أن یثبت أوّلاً أنّ السبب هو الفرد لا الطبیعة حتّی یتعدّد السبب ، ثمّ یبحث فی تداخل الأسباب وأنّ المصداقین منه یتداخلان فی إیجاب الوضوء أو لا ؟
فما أتعب به بعض الأعاظم نفسه الزکیة واستظهر انحلال القضیة الشرطیة وقال بتقدیم ظهورها فی الانحلال علی ظهور الجزاء فی الاتّحاد فأجنبی من حریم النزاع ، مع أنّه غیر خالٍ عن الإشکال ، فتدبّر .
وخلاصة الکلام فی هذا المقام : أنّه لو فرضنا ظهور القضیة فی سببیة کلّ
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 133
مصداق من البول لإیجاب الوضوء فلا شکّ أنّه یقع التعارض بین صدر القضیة الدالّ علی سببیة کلّ فرد ، کما إذا صدره بلفظة «کلّما» وبین إطلاق الجزاء ، ولکن الترجیح مع الصدر عرفاً ، فیتقدّم علی إطلاق الذیل ؛ إذ لا شکّ أنّه إذا سمع العرف بأنّ کلّ فرد سبب لإیجاب الوضوء لا یعتمد علی إطلاق الجزاء ، بل یحکم بأنّ کلّ فرد سبب لوجوب خاصّ بلا تداخل الأسباب ، وقد ذکرنا وجه فهمه ومنشأ حکمه .
هذا حال تداخل الأسباب ، وأمّا تداخل المسبّبات فی هذا المقام فقد قدّمناه فی المقام الأوّل ثبوتاً وإثباتاً .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 134