المقام الأوّل : فیما إذا تعلّق النهی بمعاملة مع عدم إحراز کونه من أیّ أقسامه ، فلاینبغی الإشکال فی ظهور النهی فی الإرشاد إلی الفساد ؛ لأنّ إیقاع المعاملة لمّا کان لأجل توقّع تحقّقها وترتّب الآثار علیها وتکون الأسباب آلات صرفة لها لا یفهم العرف من النهی عنه إلاّ ذلک .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 76
فإذا ورد «لا تبع ما لیس عندک» أو «لا تبع المصحف من الکافر» یفهم العرف منه الإرشاد إلی عدم صحّة البیع لا تحریم السبب ؛ لأنّ الأسباب آلات لتحقّق المسبّبات ، ولا تکون منظوراً إلیها حتّی یتعلّق بها النهی . هذا ، مع بعد تعلّق النهی والحرمة بالتلفّظ بألفاظ الأسباب .
وأمّا المسبّب فهو اعتبار شرعی أو عقلائی ، لا معنی لتعلّق النهی به .
وأمّا الآثار المترتّبة علیها فیبعد تعلّقه بها ذاتاً ؛ لأنّه مع تأثیر السبب لا معنی للنهی ، ومع عدم تأثیره یکون التصرّف فی مال الغیر أو وطی الأجنبیة وأمثال ذلک محرّمة لا تحتاج إلی تعلّق النهی بها ، فلابدّ من حمله علی الإرشاد إلی الفساد ، وأنّ النهی عن الإیقاع لأجل عدم الوقوع ، کما هو المساعد لفهم العرف .
فتلخّص : أنّ النهی عن معاملة مع قطع النظر عن القرائن الصارفة ظاهر فی الإرشاد إلی أنّ الأثر المتوقّع منها لا یترتّب علیها ، وهذا هو الفساد .
لا یقال : إنّ النهی فیها منصرف إلی ترتیب الآثار ، فقوله «لا تبع المجهول» مثلاً منصرف إلی حرمة ترتیب الآثار علی بیعه ، وهذا هو النهی الوضعی .
لأنّا نقول : نمنع الانصراف هنا ، بل لا موجب له ؛ إذ هو یستدعی رفع الید عن ظاهر العنوان ، بل الظاهر أنّ النهی متعلّق بإیقاع الأسباب ، لکن لا إلی ذاتها بما هی هی ، بل بداعی الإرشاد إلی عدم التأثیر .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 77