الأمر السادس : فی مجعولیة الصحّة والفساد
هل الصحّة والفساد مجعولتان مطلقاً أو لا مطلقاً ، أو مجعولتان فی المعاملات دون العبادات ، أو الصحّة الظاهریة مجعولة دون الواقعیة ؟ أقوال .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 72
التحقیق : امتناع مجعولیتهما مطلقاً ؛ لما تقدّم فی مبحث الصحیح والأعمّ أنّ الصحّة والفساد من أوصاف الفرد الموجود من الماهیة المخترعة ، منتزعتان من مطابقة الخارج مع المخترَع المأمور به ، لا من أوصاف الماهیة . وعلیه فهو أمر عقلی لا ینالها الجعل تأسیساً ولا إمضاءً .
وما یرجع إلی الشارع إنّما هو تعیین الماهیة بحدودها ، وأمّا کون هذا مطابقاً أو لا فأمر عقلی ؛ فإن أتی بها بما لها من الأجزاء والشرائط یتّصف بالصحّة ، ولا یحتاج إلی جعل صحّة من الشارع .
وما عن المحقّق الخراسانی : من کون الصحّة مجعولاً فی المعاملات ؛ لأنّ ترتّب الأثر علی معاملة إنّما هو بجعل الشارع ـ ولو إمضاءً ـ ضرورة أنّه لولا جعله لما کان یترتّب علیه الأثر ؛ لأصالة فساده .
غیر مفید ؛ إذ فیه أوّلاً : أنّ الماهیات المخترعة لا تتّصف بالصحّة والفساد ، بل المتّصف بهما هو الموجود الخارجی أو الاعتباری بلحاظ انطباق الماهیات علیه ولا انطباقها ، وهما عقلیان لا یتطرّق الجعل إلیهما .
وثانیاً : أنّ ماذکره یرجع إمّا إلی جعل السببیة لألفاظ أو أفعال مخصوصة ، کما هو المختار فی الأحکام الوضعیة أو إلی جعل الأثر والمسبّب عقیب الألفاظ ، وهما غیر جعل الصحّة ؛ إذ جعل السببیة أو ترتّب الأثر علی موضوع وإن حصلا بفعل الشارع إلاّ أنّ کون شیء مصداقاً للسبب أو لما رتّب علیه الأثر بجعله ، أمر عقلی من خواصّ الفرد الموجود .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 73
وأمّا الصحّة الظاهریة فهی أیضاً مثل الواقعیة منها ؛ لأنّ جعل الصحّة للصلاة المأتی بها بلا سورة لا یعقل بلا تصرّف فی منشأ الانتزاع ؛ إذ کیف یعقل القول بأنّ الصلاة بلا سورة صحیحة مع حفظ جزئیة السورة فی جمیع الحالات ؛ حتّی عند الجهل بوجوبها ؟
وما یقال من أنّ هذا إذا علم الانطباق ، وأمّا إذا شکّ فی الانطباق فللشارع الحکم بجواز ترتّب أثر الصحّة أو وجوبه ، وهما قابلان للجعل ، غیر وجیهة ؛ لأنّ ما ذکر غیر جعل الصحّة بنفسها ، بل الظاهر أنّ جواز ذلک أو إیجابه بدون رفع الید عن الشرط والجزء غیر ممکن ، ومعه یکون الانطباق قهریاً . ولعلّ القائل بالجعل هاهنا خلط بین الأمرین .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 74