الخامس : عدم ابتناء النزاع علی تعلّق الأحکام بالطبائع
ربّما یقال إنّ النزاع إنّما یجری علی القول بتعلّق الأحکام بالطبائع ، وأمّا علی القول بتعلّقها بالأفراد فلا مناص عن اختیار الامتناع .
أقول : الحـقّ جریانـه فی بعض صور القول بتعلّقها بالأفـراد ، وعـدم جریانه فی بعض آخر :
أمّا الثانی ففی موردین :
الأوّل : ما إذا قلنـا بتعلّقها بالفرد الخارجی الصادر عن المکلّف . ولکنّـه بدیهی البطلان ؛ لکون الخارج ظرف السقوط لا الثبوت ، ولم یظهر کونه مراد القائل ، کما سبق .
الثانی : ما إذا اُرید من القول بتعلّقها بالأفراد هو تعلّقها بها مع کلّ ما یلازمها ویقارنها ـ حتّی الاتّفاقیات منها ـ فلو فرضنا إیجاد الصلاة فی الدار المغصوبة یکون متعلّق الأمر هو الطبیعة مع جمیع ما یقارنها ؛ حتّی وقوعها فی محلّ مغصوب ؛ بحیث اُخذت هذه العناوین فی الموضوع ، ویکون متعلّق النهی هی طبیعة الغصب مع ما یقارنها ؛ حتّی وقوعها فی حال الصلاة وعلیه یخرج المفروض من مورد النزاع ؛ لکون طبیعة واحدة وقعت مورداً للأمر والنهی ، ویصیر من باب التعارض ؛ إذ البحث فیما إذا تعدّد العنوان ؛ وإن اتّحد المعنون .
وأمّا الأوّل : ـ أعنی الصور التی یمکن فیها جریان النزاع ـ فکثیر :
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 25
منها : أن یراد من تعلّقها بالأفراد تعلّقها بالعنوان الإجمالی لها ؛ بأن یقال : إنّ معنی «صلّ» أوجد فرد الصلاة ، فیکون فرد الصلاة وفرد الغصب عنوانین کلّیین منطبقین علی معنون واحد ، کالأمر بطبیعة الصلاة والنهی عن طبیعة الغصب .
ومنها : أن یراد تعلّقها بالطبیعة الملازمة للعناوین المشخّصة أو أمارات التشخّص ، کطبیعی الأین والمتی ، فیکون الواجب طبیعة الصلاة مع مکان کلّی ، وهکذا سائر العناوین ، والحرام الطبیعة الغصبیة المتّصفة بالوضع والمکان الکلّیین وغیرهما کذلک ، فاختلف العنوانان ؛ وإن اتّحد المعنون .
ومنها : أن یراد تعلّقهما بالوجود السعی من کلّ طبیعة ، فالواجب هو عنوان الوجود السعی من الطبیعة فقط لا الوجود السعی مع عوارضها ولواحقها . وقس علیه الحرام ؛ فهنا عنوانان : عنوان الوجود السعی من الصلاة ، والوجود السعی من طبیعة الغصب مع إلغاء الوجود السعی لعوارضهما ومشخّصاتهما .
ومنها : تعلّقهما بعنوان وجودات الصلاة والغصب فی مقابل الوجود السعی ؛ فإنّه لا یخرج به من العنوانین المختلفین .
فظهر : أنّ النزاع جارٍ علی القول بتعلّقهما بالأفراد علی الفروض التی تصحّ أن تکون محلّ النزاع .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 26