الخامس‏: عدم ابتناء النزاع علی تعلّق الأحکام بالطبائع

الخامس : عدم ابتناء النزاع علی تعلّق الأحکام بالطبائع

‏ ‏

‏ربّما یقال إنّ النزاع إنّما یجری علی القول بتعلّق الأحکام بالطبائع ، وأمّا‏‎ ‎‏علی القول بتعلّقها بالأفراد فلا مناص عن اختیار الامتناع‏‎[1]‎‏ .‏

أقول :‏ الحـقّ جریانـه فی بعض صور القول بتعلّقها بالأفـراد ، وعـدم جریانه‏‎ ‎‏فی بعض آخر :‏

أمّا الثانی ففی موردین :

‏الأوّل : ما إذا قلنـا بتعلّقها بالفرد الخارجی الصادر عن المکلّف . ولکنّـه‏‎ ‎‏بدیهی البطلان ؛ لکون الخارج ظرف السقوط لا الثبوت ، ولم یظهر کونه مراد القائل ،‏‎ ‎‏کما سبق‏‎[2]‎‏ .‏

‏الثانی : ما إذا اُرید من القول بتعلّقها بالأفراد هو تعلّقها بها مع کلّ ما یلازمها‏‎ ‎‏ویقارنها ـ حتّی الاتّفاقیات منها ـ فلو فرضنا إیجاد الصلاة فی الدار المغصوبة یکون‏‎ ‎‏متعلّق الأمر هو الطبیعة مع جمیع ما یقارنها ؛ حتّی وقوعها فی محلّ مغصوب ؛‏‎ ‎‏بحیث اُخذت هذه العناوین فی الموضوع ، ویکون متعلّق النهی هی طبیعة الغصب‏‎ ‎‏مع ما یقارنها ؛ حتّی وقوعها فی حال الصلاة وعلیه یخرج المفروض من مورد‏‎ ‎‏النزاع ؛ لکون طبیعة واحدة وقعت مورداً للأمر والنهی ، ویصیر من باب التعارض ؛ إذ‏‎ ‎‏البحث فیما إذا تعدّد العنوان ؛ وإن اتّحد المعنون .‏

وأمّا الأوّل :‏ ـ أعنی الصور التی یمکن فیها جریان النزاع ـ فکثیر :‏


کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 25
منها :‏ أن یراد من تعلّقها بالأفراد تعلّقها بالعنوان الإجمالی لها ؛ بأن یقال : إنّ‏‎ ‎‏معنی «صلّ» أوجد فرد الصلاة ، فیکون فرد الصلاة وفرد الغصب عنوانین کلّیین‏‎ ‎‏منطبقین علی معنون واحد ، کالأمر بطبیعة الصلاة والنهی عن طبیعة الغصب .‏

ومنها :‏ أن یراد تعلّقها بالطبیعة الملازمة للعناوین المشخّصة أو أمارات‏‎ ‎‏التشخّص ، کطبیعی الأین والمتی ، فیکون الواجب طبیعة الصلاة مع مکان کلّی ،‏‎ ‎‏وهکذا سائر العناوین ، والحرام الطبیعة الغصبیة المتّصفة بالوضع والمکان الکلّیین‏‎ ‎‏وغیرهما کذلک ، فاختلف العنوانان ؛ وإن اتّحد المعنون .‏

ومنها :‏ أن یراد تعلّقهما بالوجود السعی من کلّ طبیعة ، فالواجب هو عنوان‏‎ ‎‏الوجود السعی من الطبیعة فقط لا الوجود السعی مع عوارضها ولواحقها . وقس‏‎ ‎‏علیه الحرام ؛ فهنا عنوانان : عنوان الوجود السعی من الصلاة ، والوجود السعی من‏‎ ‎‏طبیعة الغصب مع إلغاء الوجود السعی لعوارضهما ومشخّصاتهما .‏

ومنها :‏ تعلّقهما بعنوان وجودات الصلاة والغصب فی مقابل الوجود السعی ؛‏‎ ‎‏فإنّه لا یخرج به من العنوانین المختلفین .‏

‏فظهر : أنّ النزاع جارٍ علی القول بتعلّقهما بالأفراد علی الفروض التی تصحّ‏‎ ‎‏أن تکون محلّ النزاع .‏

‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 26

  • )) اُنظر کفایة الاُصول : 188 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 17 .