الثالث : فی اُصولیة مسألة جواز الاجتماع
إنّ المسألة علی ما حرّرناه اُصولیة ؛ لصحّة وقوعها فی طریق الاستنباط .
والعجب ممّا اُفید فی المقام : من جواز جعلها مسألة فقهیة ؛ حیث إنّ البحث فیها عن صحّة الصلاة فی الدار المغصوبة . أو کلامیة ؛ لرجوعه إلی حصول الامتثال بالمجمع أو لا . أو من المبادئ التصدیقیة ؛ لرجوع البحث فیه إلی البحث عمّا یقتضی وجود الموضوع لمسألة التعارض والتزاحم .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 20
وفیه : أنّ ما اُفید أوّلاً من کونها فقهیة صرف للمسألة إلی مسألة اُخری ، وإخراج لها من مجراها ، ولو جاز ذلک لأمکن جعل جلّ المسائل الاُصولیة فقهیة ، وهو کما تری .
ومن ذلک یظهر : أنّ جعلها من المسائل الکلامیة أیضاً ممّا لا وجه له ؛ لأنّ کون المسألة عقلیة لا یوجب کونها داخلاً فیها ، وإلاّ کانت مسائل المنطق وکلّیات الطبّ کلامیة . والقول بأنّ مرجع المسألة إلی أنّه هل یحسن من الحکیم الأمر والنهی بعنوانین متصادقین علی واحـد أو لا ؟ أو هل یحصل الامتثال بالمجمع أو لا ؟ قد عرفت حاله ؛ فإنّ ذلک إخراج للشیء من مجراه الطبیعی .
وأمّا ما اختاره ثانیاً من کونها من المبادئ التصدیقیة ، ففیه : أنّ کون بحث محقّقاً وعلّة لوجود موضوع بحث آخر لا یوجب أن یکون من المبادئ التصدیقیة له . کیف ، وبراهین إثبات وجود الموضوع ـ لو سلّم کونها من المبادئ التصدیقیة ـ غیـر علل وجوده . والله تعالی علّـة وجود الموضوعات ومحقّقها ، ولیس من المبادئ التصدیقیة لشیء من العلوم . مع أنّ فی کون هذه المسألة محقّقة لوجود الموضوع لمسألة التعارض کلاماً سیوافیک بیانه فی المباحث الآتیة بإذن الله ، فارتقب حتّی حین .
وربّما یقال فی مقام إنکار کونها من المسائل الاُصولیة : أنّ موضوع علم الاُصول ما هو الحجّة فی الفقه ، ولابدّ أن یرجع البحث فی المسائل إلی البحث عن عوارض الحجّة ، ولیس البحث فی المقام عن عوارضها ؛ لأنّ البحث عن جواز
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 21
اجتماع الأمر والنهی فی عنوانین لیس بحثاً عن عوارض الحجّة فی الفقه .
وفیه ـ بعد تسلیم کون الموضوع ما ذکره ، والغضّ عمّا تقدّم فی صدر الکتاب ـ أنّ المراد من لزوم کون البحث عن عوارض الحجّة فی الفقه إن کان هو البحث عن عوارض الحجّة بالحمل الأوّلی فیلزم خروج کثیر من المباحث ، إلاّ مع تکلّفات باردة ، وإن کان المراد البحث عن عوارض ماهو حجّة فی الفقه بالحمل الشائع ـ أی ما یستنتج منها نتیجة فقهیة ـ ففیه : أنّ المقام کذلک ، وقد أوضحناه فوق ما یتصوّر عند البحث عن حجّیة الخبر الواحد ، ومضی ذکر منه عند البحث عن وجوب مقدّمة الواجب .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 22