الجواب الثانی عن الشبهة
لو سلّمنا ما ادّعاه القائل لکن نقول : إنّ النبی الأکرم والأئمّة من بعده عارفون بحال اُمّته وما یجری علیهم فی مختلف الزمان ومرور الدهور من غیبة ولی الدین وإمامه وحرمان الاُمّة عن الوصول إلیه ، وأنّ الاُمّة ـ بمقتضی ارتکازهم من لزوم رجوع الجاهل إلی عالمه ـ سوف یرجعون إلی علمائهم الذین لامحیص لهم من الرجوع إلی أخبارهم وآثارهم التی دوّنها أربابها ، باذلین جهدهم مستفرغین بالهم فی استنباط الحکم .
فلو لم یکن هذه السیرة مرضیة لکان علیهم الردع ومنع الاُمم الجائیة عن التطرّق بهذا الطریق ، وإرجاعهم إلی طریق آخر .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 620
وقد أخبروا علیهم السلام عن کثیر من الاُمور التی لم یکن یوم ذاک عنها عین ولا أثر ، وکیف وقد أمروا أصحابهم بضبط الأحادیث والاُصول ؛ معلّلین بأنّه سیأتی زمان هرج ومرج ، ویحتاج الناس بکتبکم . کلّ ذلک یرشدنا إلی کون السیرة مطلقاً ماضیة ، بلا إشکال .
ثمّ إنّه ینبغی قبل البحث عن لزوم تقلید الفاضل أو جوازه البحث عن مناط السیرة العقلائیة حتّی نخوض بعده فی أدلّة الطرفین :
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 621