المقصد السابع فی الاُصول العملیة

مقبولة عمر بن حنظلة

مقبولة عمر بن حنظلة

‏ ‏

‏1 ـ مقبولة عمر بـن حنظلـة ، رواه المشایـخ العظام ، وتلقّاها الأصحـاب‏‎ ‎‏بالقبول ، بل علیها المـدار فی باب القضاء ، کما هـو ظاهـر لمن أمعن النظـر فیه ،‏‎ ‎‏ودونک متنهـا :‏

‏سألت أبا عبدالله  ‏‏علیه السلام‏‏ عـن رجلین مـن أصحابنا یکون بینهما منازعـة فی‏‎ ‎‏دین أو میراث ، فتحاکما إلی السلطان أو إلی القضاة ، أیحلّ ذلک ؟‏

‏قال ‏‏علیه السلام‏‏ : ‏«من تحاکم إلیهم فی حقّ أو باطل فإنّما تحاکم إلی الطاغوت ،‎ ‎وما یحکم له فإنّما یأخذ سحتاً وإن کان حقّه ثابتاً ؛ لأنّه أخذ بحکم الطاغوت»‏ .‏

‏إلی أن قال : قلت : کیف یصنعان ؟‏

‏قال : ‏«ینظران إلی من کان منکم ممّن قد روی حدیثنا ونظر فی حلالنا‎ ‎وحرامنا وعرف أحکامنا فلیرضوا به حکماً ، فإنّی قد جعلته علیکم حاکماً ، فإذا‎ ‎حکم بحکمنا فلم یقبل منه ، فإنّما بحکم الله استخفّ ، وعلینا قد ردّ ، والرادّ علینا‎ ‎کالرادّ علی الله ، وهو علی حدّ الشرک بالله .

‏قلت : فإن کان کلّ رجل یختار رجلاً من أصحابنا فرضیا أن یکونا ناظرین‏‎ ‎‏فی حقّهما ، فاختلفا فیما حکما ، وکلاهما اختلفا فی حدیثکم ؟‏

‏قال : ‏«الحکم ما حکم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما فی الحدیث‎ ‎وأورعهما ، ولایلتفت إلی ما یحکم به الآخر . . .»‎[1]‎‏ إلی آخره .‏


کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 581
‏دلّت علی أنّ المنصوب للقضاء والحکومة یجب أن یکون إمامیاً مقتدیاً‏‎ ‎‏بأئمّة الشیعة ، آخذاً عنهم أحکامهم ، معرضاً عن غیرهم ، قائلاً بإمامتهم دون إمامة‏‎ ‎‏غیرهم . فالمخالف لاینفذ حکمه ؛ وإن کان حاکماً بحکمهم ‏‏علیهم السلام‏‏ .‏

‏کما أنّه یجب أن یکون فقیهاً مجتهداً فیما تقضی وتبرم وتنقض ؛ لأنّ‏‎ ‎‏قوله ‏‏علیه السلام‏‏ ‏«روی حدیثنا ، ونظـر فی حلالنا وحرامنا ، وعـرف أحکامنا»‏ لایصدق‏‎ ‎‏علی غیر الفقیه فی هذه الأعصار ؛ لأنّ غیره لیس ناظراً فی حلالهم ولا حـرامهم ،‏‎ ‎‏ولا عارفاً بأحکامهم ، بل ولا راویاً لأحادیثهم ؛ فإنّ الراوی فی الأجیال الماضیة‏‎ ‎‏کان مفتیاً بلفظ الروایة ، وسیوافیک بیان وجود الاجتهاد بالمعنی المصطلح فی‏‎ ‎‏أعصارهم ‏‏علیهم السلام‏‎[2]‎‏ .‏

‏علـی أنّ المتبادر مـن قوله ‏«روی حدیثنا»‏ فی المقام أن یکون روایـة‏‎ ‎‏الحـدیث عنهم شغله ، وأن یزاول به ویمارسـه ، ولایکفی روایة حـدیث أو‏‎ ‎‏حـدیثین أو أحادیث قلیلة طیلة عمره ، فالعامّی ومن لم یبلغ مرتبة الاجتهاد‏‎ ‎‏خـارج عنه .‏

‏وإن شئت قلت : إنّ إیراد هـذه الجمل المتعاطفة ، وعـدم الاکتفاء بواحـدة‏‎ ‎‏منها یدلّ علی أنّ الموصوف بها ثلّة مخصوصة من الشیعة ؛ ما برحوا یزاولون‏‎ ‎‏بروایـة الحـدیث ، والنظر فی حلالهم وحـرامهم ، ومعرفـة أحکامهم ؛ وهـی لیس‏‎ ‎‏إلاّ الفقهاء فی هذه الأعصار .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 582

  • )) الکافی 1 : 67 / 10 ، الفقیه 3 : 5 / 2 ، تهذیب الأحکام 6 : 301 / 845 ، وسائل الشیعة27 : 136 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 11 ، الحدیث 1 .
  • )) یأتی فی الصفحة 597 و 612 ـ 620 .