المقصد السابع فی الاُصول العملیة

التنبیه الرابع فی تعارض الضررین أو تعارض الضرر والحرج وغیرهما من الصور‏، کما إذا استلزم التصرّف فی ملکه الضرر علی الغیر

التنبیه الرابع فی تعارض الضررین أو تعارض الضرر والحرج وغیرهما من الصور ، کما إذا استلزم التصرّف فی ملکه الضرر علی الغیر

‏ ‏

‏وقد نقل عن المشهور الجواز‏‎[1]‎‏ ، ونقل عدم الخلاف عن الشیخ وابن زهرة‏‎ ‎‏والحلّی‏‎[2]‎‏ . وکیف کان : فالأولی بیان الصور المتصوّرة ، وبیان ما هو الضابط فیها .‏

فنقول هاهنا صور :

‏الاُولی :‏‏ إذا دار الأمر بین الضررین ، ولزم من تصرّفه فی ملکه الضرر علی‏‎ ‎‏الغیر ، ومن ترک تصرّفه الضرر علی نفسه .‏

الثانیة :‏ أن یتضرّر الجار من تصرّفه ، ولزم من ترکه الحرج علی نفسه .‏

الثالثة :‏ عکس تلک الصورة ؛ فلو تصرّف وقع الجار فی الحرج ، ولو ترک‏‎ ‎‏التصرّف تضرّر بترکه .‏

الرابعة :‏ أن یکون فی تصرّفـه ضرر أو حـرج علی الجـار ، وفی ترکـه‏‎ ‎‏فقدان منفعة له .‏

الخامسة :‏ أن یکون فی تصرّفه ضرر أو حـرج علی الجار ولا یکون فی‏‎ ‎‏تـرک التصرّف شیء علیه ولا فقدان المنفعة منه ، فیکون تصرّفه لغواً أو لإیصال‏‎ ‎‏الضرر أو الحرج .‏

السادسة :‏ إذا دار الأمر بین الحرجین ؛ فلو تصرّف وقع الجار فی الحرج ، ولو‏‎ ‎‏ترکه وقع نفسه فیه .‏


کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 552
بناءً علی ما ذکرناه :‏ یمکن القول بجواز التصرّف فیما لو استلزم ترک التصرّف‏‎ ‎‏وقوع المالک فی الضرر والحرج ؛ لانصراف النهی عن الإضرار بالغیر عـن هذه‏‎ ‎‏الصورة ؛ لأنّ حرمة الإضرار بالغیر غیر تحمّل الضرر والمشقّة عنه ، فما هو الحرام‏‎ ‎‏هو الأوّل دون الثانی . فلا یجب علیه تحمّلهما لدفع الضرر عن الجار ، والمقام من‏‎ ‎‏قبیل الثانی دون الأوّل .‏

‏ولایتوهّم : أنّه یلزم من جوازه جواز الإضرار بالغیر ابتداءً إذا استلزم ترکه‏‎ ‎‏الضرر علیه ؛ لوضوح الفرق بین المقامین ، کما لایخفی .‏

‏ویلحق به ما إذا استلزم ترک التصرّف فقدان منفعة خطیرة ؛ إذ أیّ حرج‏‎ ‎‏أوضح من حبس المالک عن الانتفاع بما له مدّة لایستهان بها .‏

وأمّا غیر هذه الصور :‏ فلا یجوز له التصرّف ؛ لأنّه یعدّ إضراراً حقیقة بلا وجه .‏

هذا ، والظاهر :‏ أنّ ما ذکرنا هو المحکّم ؛ ولو قلنا بما اختاره الأعلام فی‏‎ ‎‏تفسیر الروایة ؛ لأنّ القاعدة قاعدة امتنانیة ، ولا امتنان فی إلزام المالک بتحمّل الضرر‏‎ ‎‏والحرج عن الغیر ، أو الصبر علی عدم الانتفاع عن العین ، وأمّا فی غیر هذه الصور‏‎ ‎‏فمقتضی الامتنان عدم الجواز ، کما لو حفر بالوعة لمجرّد الإضرار علی جاره ، أو‏‎ ‎‏غیر ذلک من الهوسات .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 553

  • )) رسائل فقهیة ، ضمن تراث الشیخ الأعظم 23 : 126 .
  • )) المبسوط 3 : 272 و 273 ، غنیة النزوع 1 : 295 ، السرائر 2 : 382 ـ 383 .