المقام الثانی : فی مفاد الهیئة الترکیبیة
وقد وقع مثاراً للبحث ، واختار کلٌّ مذهباً ، وإلیک نقل ما اختاره الأعلام وتوضیح ما فیه :
الأوّل : ما اختاره الشیخ الأعظم ، وقال ما هذا حاصله : إنّ الأظهر إبقاء النفی
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 498
علی حاله ، وأنّ المنفی هو الحکم الشرعی الذی یلزم منه الضرر علی العباد ، ویکون المحصّل : أنّه لیس فی الإسلام مجعول ضرری ، وبعبارة اُخری : حکم ضرری یلزم من العمل به الضرر علی العباد ، کلزوم البیع مع الغبن ووجوب الوضوء إذا استلزم ضرراً مالیاً ، وإباحة الإضرار بالغیر ؛ فإنّ الکلّ أحکام ضرریة منتفیة فی الشریعة .
هذا کلّه إذا کان الحدیث مطلقاً ، أو مقیّداً بقوله : «فی الإسلام» .
وإذا قلنا بوروده مقیّداً بقوله «علی مؤمن» فیختصّ بالحکم الضرری بالنسبة إلی الغیر ، ولا یشمل نفی وجوب الوضوء والحجّ مع الضرر .
إلی أن قال : وما ذکرنا من الوجه هو الأرجح فی معنی الروایة ، بل المتعیّن ، بعد تعذّر حمله علی حقیقته ؛ لوجود الحقیقة فی الخارج بدیهة .
الثانی : ما اختاره بعض الفحول ؛ وهو أن یکون کنایة عن لزوم التدارک ؛ أی الضرر المجرّد عن التدارک منفی . وجعله الشیخ الأعظم أردأ الوجوه .
الثالث : إرادة النهی من النفی ، ومرجعه إلی تحریم الإضرار . وهذا هو الذی یظهر من کلمات اللغویین وشرّاح الحدیث حسبما استظهر وحید عصره شیخ الشریعة الأصفهانی ، وبالغ فی تشییده ، وسیوافیک بیانه .
وأمّا ما أفاده المحقّق الخراسانی : من أنّ المراد نفی الحکم بلسان نفی
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 499
موضوعه فلیس فی عرض هذه الوجوه الثلاثة ، کما صدر عن بعض أعاظم العصر ، بل هو راجع إلی الوجه الأوّل ، غیر أنّ الفرق بینه وبین ما عن الشیخ الأعظم راجع إلی کیفیة استفادة نفی الأحکام الضرریة من الحدیث ، فهو یتّحد مع ما أفاده الشیخ الأعظم لبّاً ، ویفارقه فی طریق الاستفادة ، وسیوافیک مزید توضیح لهذا ، وأنّه لافرق بین المختارین ، فانتظر .
وهاهنا وجه رابع ، ولم أقف علیه فی کلمات القوم ؛ وهو أن یکون نهیاً سلطانیاً صدر عن رسول الله بما هو سائس الملّة وسلطانها ، وسنوضحه حقّ التوضیح .
هذه هی الوجوه التی قیلت فی المقام ، ولنرجع إلی توضیح حالها :
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 500