المقصد السابع فی الاُصول العملیة

مناط صحّة عمل الجاهل وبطلانه

مناط صحّة عمل الجاهل وبطلانه

‏ ‏

‏قد اتّضح ممّا ذکرنا : أنّ الملاک لصحّة عمله وبطلانه هو الإتیان بکلّ ما یعتبر‏‎ ‎‏فی المأمور به من الأجزاء والشرائط وعدمه ، وهذا هو المراد من قولهم من وجود‏‎ ‎‏الملازمة بین بطلان العمل واستحقاق العقاب ، وصحّته وعدم استحقاقه ، غیر أنّه :‏

قد انتقض هذه القاعدة فی موردین :

‏الأوّل :‏‏ الجهر بالقراءة فی موضع الإخفات وبالعکس ، جهلاً بالحکم ؛ ولو‏‎ ‎‏عـن تقصیر .‏

الثانی :‏ الإتمام فی موضع وجوب القصر .‏

‏فإنّ الأصحاب قد أفتوا فی هذین الموضعین ـ تبعاً للنصوص‏‎[1]‎‏ ـ بصحّة‏‎ ‎‏الصلاة مع الجهل بالحکم ؛ ولو عن تقصیر‏‎[2]‎‏ ، مع التسالم علی استحقاق العقاب علی‏‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 445
‏ما هو مقتضی إطلاق کلامهم من عدم معذوریة الجاهل المقصّر‏‎[3]‎‏ .‏

‏فأوجب ذلک إشکالاً فی المقام ؛ لأنّه لو کان المأتی به هو المأمور به فلا‏‎ ‎‏وجه لاستحقاق العقاب ، وإلاّ فلا وجه للصحّة .‏

‏وإن شئت قلت : إنّ وجوب الجهر والإخفات ، وکذا القصر إن توقّف علی‏‎ ‎‏العلم به فهو یستلزم الدور المعروف ، وإن کان غیر متوقّف علیه فیلزم عدم صحّة‏‎ ‎‏الصلاة ؛ لعدم الإتیان بالمأمور به ، وإن کان من باب تقبّل العمل الناقص بعد وجوده‏‎ ‎‏بدلاً عن الکامل وسقوط ما کان واجباً من قبل فهو ممّا یأباه العقل من سقوط‏‎ ‎‏الواجب مع بقاء وقته مع المؤاخذة علی ترکه ، وإن قلنا : بعدم استحقاقه العقوبة فهو‏‎ ‎‏ینافی مع ما تسالموا علیه من عدم معذوریة الجاهل واستحقاقه للعقوبة .‏

والحاصل :‏ أنّه کیف یجتمع الصحّة والعقوبة مع بقاء الوقت ؟ ! فإنّ الناقص لو‏‎ ‎‏کان وافیاًلمصلحة التامّ فیصحّ العمل ولا یستحقّ العقاب ، وإلاّ فلا وجه للصحّة ، إلاّ‏‎ ‎‏إذا کان الناقص مأموراً به ، وهو خلاف الواقع ؛ للإجماع علی عدم وجوب صلاتین‏‎ ‎‏فی یوم واحد .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 446

  • )) راجع وسائل الشیعة 6 : 86 ، کتاب الصلاة، أبواب القراءة فی الصلاة ، الباب 26 ، الحدیث 1 ، و 8 : 506 ، کتاب الصلاة ، أبواب صلاة المسافر ، الباب 17 ، الحدیث 4 .
  • )) الحدائق الناضرة 8 : 143 و 11 : 429 ، ریاض المسائل 3 : 401 و 4 : 452 ، جواهر الکلام 10 : 24 ـ 25 و 14 : 343 .
  • )) الحدائق الناضرة 5 : 409 ، جواهر الکلام 12 : 229 ـ 230 .