المقصد السابع فی الاُصول العملیة

تنبیه‏: فیما أفاده المحقّق الخراسانی فی المقام

تنبیه : فیما أفاده المحقّق الخراسانی فی المقام

‏ ‏

‏قد أفاد المحقّق الخراسانی : أنّ المخالفة فی المقام مغفول عنها ، ولکن لمّا‏‎ ‎‏کانت منتهیة إلی الاختیار یستحقّ العقوبة علیها‏‎[1]‎‏ .‏

‏أقول : وفی کلامه خلط واضح ؛ فإنّ البحث إنّما هو فی شرائط جریان‏‎ ‎‏البراءة ، فلا محالة یکون المورد ملتفتاً إلیه ، وهو یستلزم کون احتمال المخالفة‏‎ ‎‏ملتفتاً إلیه أیضاً ؛ وإن کانت المخالفة غیر معلومة .‏

‏فحینئذٍ فرق بین کون المخالفة غیر معلومة وکونها مغفولاً عنها ، فهی غیر‏‎ ‎‏معلومة لکنّها لیست مغفولاً عنها .‏

ثمّ‏ إنّه لو فرض کون ترک الفحص موجباً لبقاء الغفلة عن التکلیف ، کما لو‏

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 437
‏ترک الفحص عن حکم شرب التتن ، وفرضنا أنّه لو تفحّص عن حکمه لظفر علی‏‎ ‎‏الدلیل الدالّ علی لزوم الدعاء عند رؤیة الهلال ـ الذی هو غافل عنه من رأس ـ فهل‏‎ ‎‏یستحقّ العقاب علی ترک الدعاء ؛ لأنّه خالف المولی بلا عذر ، وأنّ هذه الغفلة‏‎ ‎‏الباقیة مستندة إلیه باعتبار أنّه ترک الفحص ـ ولو عن تکلیف آخر ـ أولا یستحقّ ؛‏‎ ‎‏لأنّ الغفلة عذر ، ومجرّد ترک الفحص عن تکلیف آخر لایکون قاطعاً له ؟‏

الظاهر :‏ هو الأوّل ، وأنّ مثل تلک الغفلة لاتعدّ عذراً ؛ فإنّ معذوریته إن کان‏‎ ‎‏لأجل عدم فعلیة الأحکام فی حال غفلة المکلّف عنها فقد عرفت ضعفه منّا مراراً ،‏‎ ‎‏وأنّ الغفلة والجهل والعجز وما شابهها لا تصیر سبباً لعدم فعلیتها ورجوعها إلی‏‎ ‎‏الإنشائیة ، وقد عرّفناک لبّ القول فی معنی فعلیة الأحکام وإنشائیتها ، فراجع بحث‏‎ ‎‏الترتّب‏‎[2]‎‏ .‏

‏والشاهد علیه : أنّه لیس للمکلّف تعجیز نفسه وسلب قدرته عن نفسه‏‎ ‎‏اختیاراً ؛ فلو کانت القدرة شرطاً والعجز مانعاً عن الفعلیة لجاز له ذلک ؛ لعدم لزوم‏‎ ‎‏إبقاء شرط الواجب المشروط .‏

‏وما عن بعض من التمسّک بإطلاق المادّة فقد عرّفناک ضعفه‏‎[3]‎‏ .‏

‏وإن کانت معذوریته لأجل کون الغفلة مطلقاً ـ من أیّ سبب کان ـ عـذراً‏‎ ‎‏عند العقل ، مع تسلیم فعلیة الأحکام ففیه منع ظاهر ؛ فإنّ المکلّف لو شرب دواءً‏‎ ‎‏موجباً لغفلته عن الواجب لایعدّ ذلک عذراً عنده ، بل یستحقّ العقوبة ، ولا یقصر‏‎ ‎‏المقام عنه ؛ فإنّ المکلّف وإن ترک الواجب غفلةً إلاّ أنّ سبب الغفلة هو ترکـه‏

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 438
‏الفحص طغیاناً وبلا عذر ، وفی مثله لایکون المأمور به متروکاً مع العذر ، ولایکون‏‎ ‎‏العقاب عقاباً بلا بیان .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 439

  • )) کفایة الاُصول : 425 .
  • )) تقدّم فی الجزء الأوّل : 433 ـ 436 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 345 .