المقصد السابع فی الاُصول العملیة

الإشکال فی مطلق الاحتیاط

الإشکال فی مطلق الاحتیاط

‏ ‏

‏أمّا الإشکال علی مطلق الاحتیاط : فربّما یقال إنّ الإطاعة عبارة عن انبعاث‏‎ ‎‏العبد ببعث المولی ؛ لعدم صدق الإطاعة علی غیر ذلک . وإن شئت قلت : الإطاعة‏‎ ‎‏عبارة عن کون أمره داعیاً إلی الإتیان بالمأمور به ، وصیرورة العبد متحرّکاً‏‎ ‎‏بتحریکه .‏

‏والمحرّک فی الشبهة البدویة لیس أمره وبعثه ، بل احتمال أمره وبعثه ؛ سواء‏‎ ‎‏کان فی الواقع أمر أم لا . وما هو الموضوع لانبعاثه لیس إلاّ نفس الاحتمال ، من غیر‏‎ ‎‏دخالة لمحتمله فی البعث . والشاهد علیه : انبعاثه ؛ وإن لم یکن فی نفس الأمر بعث .‏

‏وبعبارة اُخری : أنّ الباعث إنّما هو الصورة الذهنیة من الأمر القائم بالنفس ،‏‎ ‎‏من غیر دخالة لوجودها الواقعی فی الانبعاث ، وهذا لایکفی فی تحقّق الإطاعة .‏

أقول :‏ مرّ الإیعاز إلی هذا الإشکال فی مبحث القطع ، وأوضحنا حاله‏‎ ‎‏هناک‏‎[1]‎‏ ، وقد فصّلنا الکلام فی دفعه فی الدورة السابقة‏‎[2]‎‏ ، ولأجل ذلک نکتفی فی‏‎ ‎‏المقام بما یلی :‏

‏إنّ الإطاعة والعصیان من الاُمور العقلائیة ، ولایتوقّف تحقّق الإطاعة علی‏‎ ‎‏کون انبعاثه عن أمره وبعثه ، بل یکفی فی ذلک أن یکون العبد آتیاً بالشیء لأجله‏‎ ‎‏تعالی ؛ متقرّباً بعمله راجیاً الوصول إلی أغراضه ، وهو محقّق مطلقاً ؛ سواء کان‏‎ ‎‏عالماً بالأمر أو محتملاً .‏


کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 418
‏والحاصل : أنّ عبادیة العبادة لایتوقّف علی ما ذکره ، بل یکفی ما ذکرنا .‏

‏علی أنّ الانبعاث مطلقاً لیس من أمره ؛ فإنّ علّة الانبعاث إنّما هو المبادئ‏‎ ‎‏الموجودة فی نفس المطیع ـ من الطمع فی رضوانه والخوف من ناره وعقابه ـ وأمّا‏‎ ‎‏الأمر فلیس له شأن سوی أنّه محقّق لموضوع الإطاعة .‏

‏علی أنّ المنبعث عن احتمال الأمر أولی بکونه مطیعاً ممّن لاینبعث إلاّ عن‏‎ ‎‏الأمر القطعی ؛ فإنّ الانبعاث عن احتماله کاشف عن قوّة المبادئ الباعثة إلی الإطاعة‏‎ ‎‏فی نفس المطیع ؛ من الإقرار بعظمته والخضوع لدیه .‏

‏هذا ، ولا أظنّ أنّ المقام یحتاج إلی أزید من هذا .‏

‏علی أنّ مساق الإشکال کونه وارداً علی مطلق الاحتیاط ؛ بحیث یعمّ أطراف‏‎ ‎‏العلم الإجمالی ، ولکنّک عرفت فی مبحث القطع : أنّ الباعث إلی الإتیان بالأطراف‏‎ ‎‏إنّما هو البعث القطعی التفصیلی المردّد بین تعلّقه لهذا أو ذاک ، والإجمال إنّما هو فی‏‎ ‎‏المتعلّق ، فراجع‏‎[3]‎‏ .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 419

  • )) تقدّم فی الجزء الثانی : 360 ـ 361 .
  • )) أنوار الهدایة 2 : 401 ـ 403 .
  • )) تقدّم فی الجزء الثانی : 361 .