المقصد السابع فی الاُصول العملیة

المرجع فی تعیین المیسور

المرجع فی تعیین المیسور

‏ ‏

‏ثمّ إنّ المرجع فی تعیین المیسور هو العرف بلا إشکال ؛ فإنّه المحکّم فی‏‎ ‎‏عامّة الموضوعات ؛ سواء کان الموضوع عرفیاً أو شرعیاً ، فإنّ الموضوع للقاعدة‏‎ ‎‏هو الطبائع المأمور بها ، ولا إشکال أنّ العرف واقف علی حقیقة الأمر فی هذه‏‎ ‎‏المیادین ؛ حیث یشخّص أنّه المیسور من الطبیعة عن غیره .‏

‏ضرورة أنّ الوضوء ـ مثلاً ـ طبیعة قد تصدق بنظر العرف علی الناقص لشرط‏‎ ‎‏أو جزء وقد لا تصدق فیعدّ الجبیرة فی بعض الأجزاء میسورها ، کما أنّه لایعدّ‏

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 415
‏الجبیرة فی معظم الأجزاء میسورها ، من غیر فرق بین الموضوعات العرفیة‏‎ ‎‏والشرعیة . فما عن البعض من التفصیل بینهما‏‎[1]‎‏ غیر وجیه .‏

وما یقال :‏ من أنّ المراد من المیسور ما یکون وافیاً بالغرض أو ببعضه ، وهذا‏‎ ‎‏لایقف علیه العرف‏‎[2]‎‏ ضعیف ، مثل ما یقال : من أنّه لایجوز الاتّکاء علی القاعدة ؛‏‎ ‎‏لکثرة التخصیصات الواردة علیها ، فلابدّ أن یضمّ إلیه عمل المشهور حتّی یکون‏‎ ‎‏جابراً لضعف دلالته‏‎[3]‎‏ .‏

أمّا ضعف الأوّل :‏ فلأنّه لا دلالة فی الحدیث علی ما ذکر ، وإطلاقه حاکم‏‎ ‎‏علی خلافـه ، ولا وجه للمصیر إلیـه بلا داعٍ ، فیکون کلّ ما ورد علی خلافه‏‎ ‎‏مخصّصاً له .‏

وأمّا الثانی :‏ فلأنّه إنّما یصحّ لو قلنا بعمومیة الحدیث للواجب وغیره ، وأمّا‏‎ ‎‏علی ما اخترناه من اختصاصه بالواجبات بقرینة عدم تحقّق العهدة فی غیرها‏‎ ‎‏واختصاصه بما إذا کان الباقی لدی العرف میسور الطبیعة لامطلقاً فلا أظنّ ورود‏‎ ‎‏التخصیصات الکثیرة علیه ؛ إذ لم یرد علیه تخصیص فی الحجّ والصلاة .‏

‏وأمّا الصوم فلا یتحقّق فیه المیسور والمعسور ؛ فإنّه ـ ظاهراً ـ أمر بسیط‏‎ ‎‏وضعی ، تکون المفطرات مفسداته ؛ فلا یعدّ من الطبیعة إذا اجتنب عن مفسداته مع‏‎ ‎‏شرب الماء القلیل .‏

‏نعم لو قلنا بعمومیته للواجب وغیره ، وما هو میسور الطبیعة وما لیس کذلک ،‏‎ ‎‏بل اکتفینا بمیسور الأجزاء لکان لما توهّم مجال .‏

‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 416

  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 4 : 256 ـ 258 .
  • )) اُنظر نهایة الدرایة 4 : 393 ـ 394 .
  • )) اُنظر درر الفوائد ، المحقّق الخراسانی : 268 .