فی جریان البراءة الشرعیة
وأمّا الشرعیة : فلا شکّ فی أنّ حدیث الرفع لا یثبت وجوب الفاقدة لبعض القیود إذا لم یکن لدلیل المرکّب ولا لدلیل اعتبار الجزء والشرط إطلاق ؛ لأنّـه
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 396
حدیث رفع لا حدیث وضع . نعم ، لو ثبت لکلّ من الدلیلین إطلاق أمکن رفع إطلاق الجزئیة والشرطیة فی حال الاضطرار ، والتمسّک بإطلاق دلیل المرکّب فی وجوب الباقی من الأجزاء ، وقد تقدّم غیر مرّة : أنّ وجوب الباقی وإجزائه عن الکامل إنّما هو بنفس الأدلّة الأوّلیة ؛ ولذا اشترطنا وجود الإطلاق لدلیل المرکّب .
وبما ذکرنا ـ من أنّ وجوب الفاقدة بنفس الأدلّة الأوّلیة ـ یندفع ما ربّما یتوهّم من أنّ رفع الجزئیة فی حال الاضطرار منّة ، وإیجاب الباقی یعدّ خلاف المنّة ، والحدیث حدیث امتنان لا خلافه .
وجه الاندفاع : أنّ الامتنان وخلافه إنّما تلاحظان فی مجری الحدیث فقط ، ورفع الجزئیة لیس خلافه . وأمّا إیجاب الباقی فلیس مجری الرفع ، بل ولا من لوازمه العقلیة والعادیة والشرعیة ، بل لازم رفع الجزئیة هو رفع التعارض . وأمّا الدلیل المتکفّل لإیجاب الباقی فإنّما هو نفس الإطلاقات الأوّلیة لأدلّة المرکّب .
هذا کلّه فی الاضطرار العرفی .
وأمّا الاضطرار العقلی : فیمکن أن یقال إنّه لایکون مجری الحدیث ؛ لسقوط التکلیف عن الکلّ بحکم العقل ، غیر أنّک قد عرفت حکایة ذلک عن بعضهم ؛ حیث منع عن التمسّک بحدیث الرفع عند نسیان بعض الأجزاء ؛ قائلاً بأنّ التکلیف الفعلی مرتفع عن المنسی بعروض النسیان بملاک استحالة التکلیف بما لا یطاق ، فالتکلیف مرتفع مع قطع النظر عن حدیث الرفع . وقد عرفت ضعفه هناک فلا نعید .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 397
هـذا کلّـه علی القول بجریان حـدیث الرفع فی الاضطـرار علی الترک ، وأمّـا علی فرض عدم جریانه فلا ، وقد تقدّم الحقّ فی ذلک .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 398