کلام المحقّق النائینی فیما تحقّق به الزیادة
فاتّضح : أنّ طریق الحلّ هو حمل روایة أبی بصیر المتقدّمة وهذه الروایة لأجل هاتیک القرائن أو بعض العویصات علی زیادة الرکعة أو الرکوع ، فتدبّر ، وراجع کلام بعض أعاظم العصر ؛ فقد أتی بأمر غریب عند بیان النسبة بینه وبین القاعدة ، ولانطیل بذکره . بل نتعرّض لما أفاده فی تکملة البحث ؛ حیث إنّه بعد ما بیّن ما یصدق علیه الزیادة وما لایصدق قال ما هذا محصّله :
إنّ الظاهر من التعلیل فی بعض الأخبار الناهیة عن قراءة العزیمة فی الصلاة من «أنّ السجود زیادة فی المکتوبة» : أنّه لایعتبر فی صدقها عدم قصد الخلاف ،
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 386
بل الإتیان بمطلق مسانخ أفعال الصلاة زیادة .
ولکن یمکن أن یقال : إنّ المقدار المستفاد منه صدق الزیادة علی ما لایکون له حافظ وحدة ، ولم یکن بنفسه من العناوین المستقلّة ، وأمّا ما کان کذلک ـ کإتیان صلاة فی أثناء الظهر ـ فالظاهر عدم اندراجه فیه ؛ لأنّ السجود والرکوع المأتی بهما لصلاة اُخری لا دخل لهما بصلاة الظهر ، ولاتصدق علیهما الزیادة فیها .
ویؤیّده ـ بل یدلّ علیه ـ ما ورد فی بعض الأخبار : أنّه لوضاق وقت صلاة الآیات وخاف المکلّف أنّه لو أخّرها إلی الفراغ عن الیومیة یفوت وقتها ، صلاّها فی أثناء الصلاة الیومیة ، ویبنی علیها بعد الفراغ من الآیات من غیر استئناف . ولیس ذلک إلاّ لعدم صدق الزیادة .
فیمکن التعدّی إلی عکس المسألة بإتیان الصلاة الیومیة فی أثناء الآیات فی ضیق الوقت ؛ فإنّ بطلان الآیات : إمّا للزیادة فالمفروض عدم الصدق ، وإمّا لفوات الموالاة فلا ضیر فیه إذا کان لأجل واجب أهمّ . وعلی هذا یبتنی جواز الإتیان بسجدتی السهو من صلاة فی أثناء صلاة اُخری ، انتهی .
وفیه مواقع للنظر :
أمّا أوّلاً : فلأنّ کون الشیء ذا عنوان مستقلّ لا دخل له فی صدق الزیادة ؛ ضرورة أنّ العرف یفهم بعد الوقـوف علی التعلیل الوارد فی النهی عـن السجود لأجـل قراءة العزیمة مـن أنّـه زیادة فی المکتوبـة : أنّ الإتیان بصلاة تامّـة مشتملـة علی التکبیر والسجود والرکوع والتشهّد والتسلیم أیضاً لایجوز ؛ لأنّها زیادة فی المکتوبة .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 387
وأمّا ما قدّمناه من أنّه یشترط فی الزائد الإتیان بها بقصد کونه من الصلاة فلا تشمل ما إذا أتی به بغیر هذا القصد ؛ فإنّما هو مع قطع النظر عن هذا التعلیل ، وأمّا بناءً علی الأخذ بهذا التعلیل فهو عامّ شامل لما أتی به بقصد کونها من الصلاة أولا ، کان له عنوان مستقلّ أولا .
وثانیاً : أنّه لم یعلم الفرق بین الصلاة وسجدة العزیمة ، مع أنّ الثانی له أیضاً عنوان مستقلّ ، وله حافظ وحدة ، وکلاهما مسبّبان عن سبب خاصّ ؛ فإنّ السجدة مسبّبة عن تلاوة آیتها کالصلاة المسبّبة عن سببها الخاصّ .
وثالثاً : أنّ التفریق بین سجدة العزیمة وسجدتی السهو ـ حیث یظهر منه عدم إبطال الثانی دون الأوّل ـ غیر واضح ، مع أنّ الثانی أولی بالإبطال ؛ لأنّهما أشبه شیء بعدم الاستقلال . ومع غضّ البصر فهما وسجدة العزیمة سیّان فی الاستقلال وعدمه ، ولکلّ واحد سببه الخاصّ .
ورابعاً : أنّ ما ذکره من التمسّک ببعض الروایات من إقحام الآیات فی الیومیة إذا ضاق وقتها غیر صحیح ؛ فإنّ الأخبار قد وردت فی عکس ما ذکره من إقحام الیومیة فی الآیات إذا ضاق وقتها ، ولا یجوز قیاس الآیات بها ؛ لجواز أن یکون للآیات خصوصیة یجوز معها إقحام الیومیة فیها ، دون العکس .
وخامساً : أنّ التعدّی إلی عکس المسألـة حسب فرضه ـ قائلاً بأنّ البطلان إمّا للزیادة فلا تصدق بالفرض ، وإمّا لفوات الموالاة فلا ضیر ؛ لأهمّیـة الفریضـة ـ غیر تامّ ؛ لأنّ أهمّیة الفریضة لاتوجب سقوط الموالاة إذا دلّ الدلیل علی اعتبارها
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 388
مطلقاً ، بل غایـة ذلک أنّها توجب تقدیم الأهـمّ علی المهمّ ، والإتیان به بعد الفراغ مـن الأهمّ .
نعم ، علی فرض ورود الدلیل علی طبق ما زعمه لایبعد إلغاء الخصوصیة عرفاً بالنسبة إلی سائر الفرائض .
وأنت خبیر : أنّ السبب الباعث لهذه الاشتباهات هو الاعتماد علی الحافظة فی نقل الروایات والاستدلال بها من غیر مراجعة الاُصول والجوامع ، وکم وقفنا علی نظائر هذه الاشتباهات من الأعاظم ! وکان السبب الباعث ما ذکر من الاعتماد علی الحافظة .
فلازم علی روّاد الحقیقة وطلاّبها أن یراجعوا فی کلّ ما ینقلونه ویستدلّون به ـ من جلیل وحقیر ـ علی المصادر الأوّلیة المؤلّفة بید الأعلام ، بل جدیر أن لا یکتفی بـ «الوسائل» ونحوه إذا أمکن الرجوع إلی الجوامع الأربعة .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 389