المقصد السابع فی الاُصول العملیة

مقتضی الروایات الواردة فی الزیادة

مقتضی الروایات الواردة فی الزیادة

‏ ‏

فنقول :‏ قد دلّ علی بطلان الصلاة بالزیادة روایات :‏

منها :‏ ما رواه الکلینی بإسناده عن أبی بصیر ، قال : قال أبو عبدالله  ‏‏علیه السلام‏‏ : ‏«من‎ ‎زاد فی صلاته فعلیه الإعادة»‎[1]‎‏ .‏

ومنها :‏ ما رواه أیضاً عن زرارة وبکیر ابنی أعین عن أبی جعفر ‏‏علیه السلام‏‏ قال :‏‎ ‎«إذا استیقن أنّه زاد فی صلاته المکتوبة لم یعتدّ بها ، واستقبل صلاته استقبالاً إذا‎ ‎کان قد استیقن یقیناً»‎[2]‎‏ ، وسیوافیک الاختلاف فی متنه‏‎[3]‎‏ .‏

‏وبإزائهما القاعدة المفروضة المنصوصة ، رواها الصدوق بإسناده عن زرارة‏‎ ‎‏عن أبی جعفر ‏‏علیه السلام‏‏ قال : ‏«لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة : الطهور والوقت والقبلة‎ ‎والرکوع والسجود»‏ ثمّ قال ‏‏علیه السلام‏‏ : ‏«القراءة سنّة والتشهّد سنّة ، ولا تنقض السنّة‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 373
الفریضة»‎[4]‎‏ . والمهمّ بیان مفاد الحدیثین الأوّلین ، وتوضیح نسبتهما مع حدیث‏‎ ‎‏لاتعاد ، فنقول :‏

‏أمّا ما رواه أبو بصیر فالظاهر منه : أنّ مطلق الزیادة فی الصلاة والإتیان بها‏‎ ‎‏مبطلة ، لکن بقصد أنّها منها ؛ سواء کانت من سنخ الصلاة کالرکعة والرکعتین ، أو من‏‎ ‎‏سنخ أجزائها کالسجدة والرکوع والقراءة ، أو من غیرهما کالتکتّف والتأمین إذا أتی‏‎ ‎‏بها بعنوان أنّها من الصلاة ؛ ضرورة صدق قوله ‏‏علیه السلام‏‏ : ‏«من زاد فی صلاته»‏ علی هذه‏‎ ‎‏کلّها . نعم ، لو لم یأت بها بعنوان أنّها منها فلا یصدق أنّه زاد فی صلاته ، بل أتی‏‎ ‎‏بشیء خارجی أثناء الصلاة .‏

‏ویدلّ علی التعمیم المتقدّم قوله ‏‏علیه السلام‏‏ فیمن أتمّ فی السفر : ‏«لأنّه زاد فی‎ ‎فرض الله »‎[5]‎‏ . وما ورد مـن النهی عـن قراءة العزیمـة ؛ معلّلاً بأنّ السجـود زیادة‏‎ ‎‏فی المکتوبة‏‎[6]‎‏ . ومـا ورد فی باب التکتّف‏‎[7]‎‏ ووجـوب سجدة السهو لبعض‏‎ ‎‏الاُمـور الزائدة‏‎[8]‎‏ .‏


کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 374
ثمّ إنّ شیخنا العلاّمة‏ ـ أعلی الله مقامه ـ استظهر کون متعلّق الـزیادة فی‏‎ ‎‏روایـة أبی بصیر هو ما یکون من سنخ الصلاة ، کالرکعة والرکعتین ؛ قائلاً بأنّ‏‎ ‎‏الـزیادة فی المقام مـن قبیل الزیادة فی العمـر فی قولک : «زاد الله فی عمرک»‏‎ ‎‏فیکون المقدّر ـ الذی جعلت الصلاة ظرفاً له ـ هو الصلاة ، فینحصر المورد بما کان‏‎ ‎‏الزائد مقداراً یطلق علیه الصلاة مستقلّاً، کالرکعة . مضافاً إلی أنّه القدر المتیقّن من‏‎ ‎‏بطلان الصلاة بالزیادة . أضف إلیه : أنّ روایة زرارة وبکیر مشتمل علی لفظ‏‎ ‎‏الرکعة‏‎[9]‎‏ ، انتهی .‏

وفیه :‏ أنّ قیاس المقام بقوله : «زاد الله فی عمرک» قیاس مع الفارق ؛ لأنّ‏‎ ‎‏العمر أشبه شیء بالأمر البسیط لایقبل الزیادة من غیر سنخه ، وهذا بخلاف الصلاة ؛‏‎ ‎‏فإنّه عمل مؤلّف من أفعال کثیرة مختلفة ، تقبل الزیادة من سنخها وغیر سنخها ،‏‎ ‎‏بشرط أن یکون الداعی هو قصد کونها من الصلاة اعتقاداً أو تشریعاً .‏

‏وإن شئت فاستخبر الحال من العرف ؛ فلو أمر الطبیب بعمل معجون ، وقدّر‏‎ ‎‏لها أجزاء وشرائط ، فلو زاد بعض الأجزاء مـن مقداره یصدق أنّه زاد فی المعجون ،‏‎ ‎‏مع أنّ الزائد لیس من سنخ المعجون ، بل من سنخ بعض أجزائه .‏

‏نعم ، یفترق المعجون عن الصلاة بأن لو کان الزائد فیه من غیر سنخ الأجزاء‏‎ ‎‏لا یصدق علیه أنّه زاد فی معجونه . وهذا بخلاف الصلاة ؛ فلو زاد فیها أمراً من غیر‏‎ ‎‏سنخ أجزائها لکن بقصد أنّه من الصلاة ـ کالتأمین ـ یصدق أنّه زاد .‏

‏والسرّ فی ذلک واضح ؛ لأنّ باب المعجون باب التکوین لایتقوّم بالقصد ،‏‎ ‎‏بخلاف الصلاة ؛ فإنّ کون الجزء جزءً صلاتیاً قائم بالقصد . وأمّا تمسّکه ‏‏رحمه الله‏‏ بروایة‏‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 375
‏زرارة فسیوافیک الحال فیها‏‎[10]‎‏ .‏

‏فإن قلت : ما ذکرت من التعمیم صحیح ، إلاّ أنّ ما ذکرت من الشرط فی‏‎ ‎‏صدق الزیادة من الإتیان بالزائد بعنوان کونه من الصلاة ـ کالتأمین ـ لایدلّ علیه‏‎ ‎‏دلیل ، بل الدلیل علی خلافه ؛ فإنّ النهی عن قراءة العزیمة فی الصلاة ؛ معلّلاً بأنّ‏‎ ‎‏السجود زیادة فی المکتوبة ظاهر فی عدم شرطیة القصد المذکور ؛ لأنّ الآتی‏‎ ‎‏بالسجدة من العامّة لا یقصد کونها من الصلاة .‏

‏قلت : قد أجاب عنه شیخنا العلاّمة بأنّ الوجه فی ذلک هو اشتراط الصلاة‏‎ ‎‏بعدم السجود للعزائم فیها‏‎[11]‎‏ .‏

‏وفیه : أنّ مرجع ذلک إلی النقیصة لا إلی الزیادة .‏

‏أضف إلی ذلک : أنّ مثل السجدة ـ حینئذٍ ـ یکون مثل القهقهة وغیرها من‏‎ ‎‏القواطع للصلاة ، مع أنّ إبطالها لیس لأجل الزیادة فی الصلاة ، بل لکونها ماحیة‏‎ ‎‏لصورة الصلاة ، ومبطلة للهیئة الاتّصالیة .‏

والحقّ :‏ أنّ هذا الاستعمال غیر مأنوس ، فلابدّ من الاقتصار علی بابه .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 376

  • )) الکافی 3 : 355 / 5 ، وسائل الشیعة 8 : 231 ، کتاب الصلاة، أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ، الباب 19 ، الحدیث 2 .
  • )) الکافی 3 : 354 / 2 .
  • )) یأتی فی الصفحة 385 .
  • )) الفقیه 1 : 225 / 991 ، وسائل الشیعة 6 : 91 ، کتاب الصلاة، أبواب القراءة فی الصلاة ، الباب 29 ، الحدیث 5 .
  • )) الخصال : 604 / 9 ، وسائل الشیعة 8 : 508 ، کتاب الصلاة، أبواب صلاة المسافر ، الباب 17 ، الحدیث 8 .
  • )) تهذیب الأحکام 2 : 96 / 361 ، وسائل الشیعة 6 : 105 ، کتاب الصلاة، أبواب القراءة فی الصلاة ، الباب 40 ، الحدیث 1 .
  • )) قرب الإسناد : 208 / 809 ، وسائل الشیعة 7 : 266 ، کتاب الصلاة، أبواب قواطع الصلاة ، الباب 15 ، الحدیث 4 .
  • )) تهذیب الأحکام 2 : 155 / 608 ، وسائل الشیعة 8 : 251 ، کتاب الصلاة، أبواب الخلل الواقع فی الصلاة ، الباب 32 ، الحدیث 3 .
  • )) الصلاة ، المحقّق الحائری : 312 .
  • )) یأتی فی الصفحة 385 ـ 386 .
  • )) الصلاة ، المحقّق الحائری : 314 .