المقصد السابع فی الاُصول العملیة

جواز الترخیص فی بعض أطراف العلم الإجمالی ثبوتاً

جواز الترخیص فی بعض أطراف العلم الإجمالی ثبوتاً

‏ ‏

أمّا الأوّل :‏ فقد تقدّم أنّ العلم الجازم بوجود تکلیف فی البین خارج عن‏‎ ‎‏محطّ البحث‏‎[1]‎‏ ؛ وإن خلط بعض محقّقی العصر بینه وبین العلم بالحجّة‏‎[2]‎‏ .‏

‏وحینئذٍ : فلو وقف علی قیام الحجّة بالتکلیف فلا إشکال فی حکم العقل‏‎ ‎‏بلزوم الموافقة القطعیة بعد قیامها ؛ لوجوب تحصیل المؤمّن عن العقاب ، وهو لا‏‎ ‎‏یحصل إلاّ بالموافقة القطعیة .‏

‏وأمّا حکم العقل الدقیق فهو فی البابین واحد ؛ یعنی لا یری الترخیص فی‏‎ ‎‏واحد من الأطراف أو جمیعها إذناً فی المعصیة ؛ لأنّ المفروض هو العلم بالحجّة لا‏‎ ‎‏بالتکلیف الواقعی .‏

‏وأمّا فـی حکم العقلاء فیمکن إبـداء الفرق بین البابین ؛ فإنّ العقلاء لا یرون‏‎ ‎‏الإذن فی بعض الأطراف إذناً فی مخالفـة الواقـع وارتکاب الحـرام ، بل إذناً فـی‏‎ ‎‏المشتبه بما هـو مشتبه ، وهـو غیر مستنکر عند العقلاء حتّی یوجب انصراف‏‎ ‎‏الأدلّـة أو صرفها .‏

‏فلو فرض دلیل علی بعض الأطراف فلا موجب لرفع الید عنه فی المقام ،‏

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 203
‏بخلاف الإذن فی الأطراف عامّة ؛ فإنّه عندهم مستنکر قبیح یرونه إذناً فی المعصیة ،‏‎ ‎‏کما تقدّم‏‎[3]‎‏ .‏

وبذلک تعرف :‏ أنّ القول بکون العلم الإجمالی علّة تامّة أو مقتضیاً بالنسبة‏‎ ‎‏إلی حرمة المخالفة أو وجوب الموافقة إنّما یصحّ فی هذا القسم ـ العلم بالحجّة ـ‏‎ ‎‏وعلیه فلا مانع من أن یقال : إنّ العلم الإجمالی علّة تامّة لحرمة المخالفة القطعیة فی‏‎ ‎‏نظر العقلاء ؛ بحیث یری العقلاء الإذن فی الأطراف ترخیصاً فی المعصیة . لکنّه‏‎ ‎‏مقتضٍ لوجوب الموافقة ـ أی یحکم بلزومها مع عدم ورود رخصة من المولی ـ ولا‏‎ ‎‏یستنکر ورودها ، کما لا یستنکر ورودها فی بعض موارد الاشتغال مع العلم‏‎ ‎‏التفصیلی ، کالشکّ بعد الفراغ ومضیّ الوقت .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 204

  • )) تقدّم فی الصفحة 178 ـ 181 .
  • )) نهایة الأفکار 3 : 307 ـ 308 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 193 .