التنبیه الثالث فی دوران الأمر بین المحذورین
إذا دار الأمر بین وجوب شیء وحرمته ففی جریان البراءة عقلاً وشرعاً خلاف .
وقبل الخوض فی المقصود نذکر الصور المتصوّرة ، فنقول : إنّ الدوران قد یتحقّق فی واقعة واحدة واُخری فی وقائع . وعلی کلّ تقدیر : فقد یمکن المخالفة القطعیة وقد لا یمکن ، وعلی جمیع الوجوه : قد یکونان متساویین من جهة الأهمّیة وقد یحتمل أهمّیة واحد منهما وثالثة یعلم أهمّیة واحد منهما ، کما إذا تردّد الشخص بین کونه نبیاً أو سابّ النبی ، ومن المعلوم أنّ حفظ وجود النبی أهمّ من قتل سابّه .
ثمّ إنّه لا إشکال فی امتناع الموافقة القطعیة إلاّ فی الجملة ، وأمّا المخالفة القطعیة فلا یتحقّق إذا کانت الواقعة واحدة . اللهمّ إذا کان أحد الحکمین أمراً تعبّدیاً ، کما إذا علمت الحائض بحرمة الصلاة أو وجوبها وجوباً تعبّدیاً ؛ فصلّت بلا قصد التقرّب ، فإنّه یتحقّق ـ حینئذٍ ـ العلم بالمخالفة القطعیة .
وأمّا إذا تعدّدت الوقائع وکان الشخص فاعلاً فی واقعة وتارکاً فی اُخری فکما أنّ عمله یعدّ مخالفة قطعیة کذلک یعدّ موافقة قطعیة .
هذه هی الوجوه المتصوّرة ، وإلیک تفصیلها فی ضمن اُمور :
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 161