المقصد السابع فی الاُصول العملیة

تصحیح عبادیة الشیء بأوامر الاحتیاط

تصحیح عبادیة الشیء بأوامر الاحتیاط

‏ ‏

‏لو قلنا بعـدم إمکان الاحتیاط مـع احتمال الأمـر فهل یمکن تصحیح‏‎ ‎‏عبادیـة الشیء لأجل أوامر الاحتیاط ، فیقصد المکلّف الأمر الاحتیاطی المتعلّق‏‎ ‎‏بالعبادة أو لا ؟‏

التحقیق هو الثانی ؛‏ لأنّ احتمال شمول أدلّة الاحتیاط للشبهات الوجوبیة‏‎ ‎‏فرع إمکان الاحتیاط فیها ، وقد فرضنا امتناع الاحتیاط فیها ، ومع ذلک فکیف‏‎ ‎‏یحتمل إطلاق أدلّة الاحتیاط لها ولغیرها ؟ !‏

والحاصل :‏ أنّ قصد الأمر الاحتیاطی جزماً عند الإتیان بالشبهات الوجوبیة‏

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 150
‏فرع صدق الاحتیاط فیها قبل الأمر ، مع أنّ إمکان الاحتیاط فیها موقوف علی قصد‏‎ ‎‏أمره ؛ بحیث لولا هذا القصد لما صحّ أن یقال : إنّ هذا العمل احتیاط فی العبادة .‏‎ ‎‏وبعبارة أوضح : تعلّق أوامر الاحتیاط بالعبادات المحتملة یتوقّف علی إمکانه فیها ،‏‎ ‎‏ولو توقّف إمکانه علیه یلزم توقّف الشیء علی نفسه .‏

‏فإن قلت : إنّما یتعلّق أوامر الاحتیاط بذات العمل مع قطع النظر عن قصد‏‎ ‎‏التقرّب أو مع قطع النظر عن الإتیان بداعی احتمال الأمر‏‎[1]‎‏ .‏

‏قلت : إنّ انطباق عنوان الاحتیاط علی ذات العمل لا یوجب کون ذات العمل‏‎ ‎‏متعلّقاً للأمر ؛ لما مرّ مراراً من أنّ انطباق عنوان علی شیء لا یوجب تعدّی الأمر‏‎ ‎‏عن متعلّقه إلی عنوان آخر یعدّ منطبقاً ـ بالفتح ـ له‏‎[2]‎‏ ، وتجد تفصیل هذا الموضوع‏‎ ‎‏فی مبحث اجتماع الأمر والنهی‏‎[3]‎‏ .‏

‏وعلیه : فلا یعقل تعلّق الأمر الاحتیاطی المفروض تعلّقه فی لسان الدلیل‏‎ ‎‏بعنوان الاحتیاط بنفس الفعل المشکوک وجوبه ، وإلاّ لزم تجافی الأمر عن متعلّقه‏‎ ‎‏بلا ملاک ، وتخلّف الإرادة عن المراد .‏

‏ویشهد لما ذکرنا : اختلافات کیفیة الاحتیاط فی الواجبات والمحرّمات ،‏‎ ‎‏فالاحتیاط فی الأوّل بالإتیان وفی الثانی بالترک ، فلو تعلّق الأمر المتعلّق بعنوان‏‎ ‎‏الاحتیاط بذات العمل لزم أن یکون قوله : ‏«فاحتط لدینک»‎[4]‎‏ تارة بعثاً إلی الفعل‏‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 151
‏واُخری زجراً عنه ؛ لأنّ المفروض وقوع نفس هذه الأفعال محطّاً للخطاب دون‏‎ ‎‏عنوان الاحتیاط .‏

‏وهذا بخلاف القول بأنّ الأمر متعلّق بنفس عنوان الاحتیاط . غایة الأمر : أنّ‏‎ ‎‏امتثال الأمر الاحتیاطی یختلف عند العقل فی الواجبات والمحرّمات .‏

‏مع أنّ تعلّق الأمر بالاحتیاط بذات العمل خروج عن الاحتیاط ؛ فإنّ‏‎ ‎‏الاحتیاط فی التعبّدیات إتیانها بعنوان احتمال التعبّدیة .‏

‏ثمّ إنّه تصدّی بعض أعاظم العصر ‏‏قدس سره‏‏ للجواب عمّن تصدّی لتصحیح العبادات‏‎ ‎‏بأوامر الاحتیاط‏‎[5]‎‏ ، ونحن قد أوردنا مثل هذا البیان عنه ‏‏قدس سره‏‏ عند البحث عن اجتماع‏‎ ‎‏الأمر والنهی ، وعلیه فلا ملزم لذکره مع ما فیه ، فراجع‏‎[6]‎‏ .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 152

  • )) فرائد الاُصول ، ضمن تراث الشیخ الأعظم 25 : 153 .
  • )) تقدّم فی الجزء الأوّل : 122 ، وفی الجزء الثانی : 80 و 84 ـ 85 .
  • )) تقدّم فی الجزء الثانی : 45 و 56 ـ 57 .
  • )) الأمالی ، الشیخ الطوسی : 110 / 22 ، وسائل الشیعة 27 : 167 ، کتاب القضاء ، أبواب صفات القاضی ، الباب 12 ، الحدیث 46 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 3 : 403 .
  • )) تقدّم فی الجزء الثانی : 55 ـ 56 .