المقصد السابع فی الاُصول العملیة

التحقیق فی جریان أصالة عدم التذکیة فی المحتملات

التحقیق فی جریان أصالة عدم التذکیة فی المحتملات

‏ ‏

‏إنّ التذکیة إن کانت أمراً مرکّباً خارجیاً ـ ککونها نفس الاُمور الستّة‏‎ ‎‏الخارجیة ـ فأصالة عدمها غیر جاریة ، بعد وقوع الاُمور الخمسة علی حیوان شکّ‏‎ ‎‏فی قابلیته ؛ لسقوط أصالة عدم القابلیة وعدم کون التذکیة أمراً مسبوقاً بالعدم ؛‏‎ ‎‏لکونها عبارة عن الاُمور الخارجیة ، والمفروض حصول خمسة وعدم جریان‏‎ ‎‏الأصل فی السادس منها . فحینئذٍ یکون المرجع أصالة الحلّ والطهارة .‏

‏هذا کلّه إذا کانت أمراً مرکّباً .‏

‏وأمّا إذا کانت أمراً بسیطاً محضاً متحصّلاً من ذلک الاُمور أو اعتباراً قائماً بها‏

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 137
‏أو بسیطاً مقیّداً أو مرکّباً تقییدیاً فأصالة عدم التذکیة جاریة ، مع الغضّ عن الإشکال‏‎ ‎‏المشترک .‏

‏أمّا إذا کانت أمراً بسیطاً متحصّلاً من الاُمور الخارجیة فواضح ؛ لأنّه مسبوق‏‎ ‎‏بالعدم قبل تحقّق الاُمور الخارجیة ، والآن کما کان . واختلاف منشأ الشکّ والیقین لا‏‎ ‎‏یضرّ به .‏

‏وکذلک إذا کانت أمراً بسیطاً منتزعاً ؛ لأنّ هذا الأمر الانتزاعی الموضوع‏‎ ‎‏للحکم وإن کان علی فرض وجوده یتحقّق بعین منشأ انتزاعه ، لکنّه مسبوق بالعدم .‏

‏وأمّا إذا کانت أمراً مرکّباً تقییدیاً ـ سواء کانت بسیطة متحصّلة مقیّدة ، أو‏‎ ‎‏منتزعة من الاُمور الخمسة متقیّدة بقابلیة المحلّ ، أو مرکّبة منها ومتقیّدة بالقابلیة ـ‏‎ ‎‏فجریان أصالة عدم التذکیة لا مانع لها ؛ لأنّ المتقیّد بما أنّه متقیّد مسبوق بالعدم‏‎ ‎‏ومشکوک تحقّقه ، والفرض أنّ موضوع الحکم متقیّد .‏

وبذلک یظهر :‏ ضعف ما عن بعض أعاظم العصر ‏‏قدس سره‏‏ من أنّ التذکیة إذا کانت‏‎ ‎‏نفس الاُمور الخمسة ، وکانت قابلیة المحلّ شرطاً للتأثیر ولها دخالة فی تأثیر‏‎ ‎‏الخمسة لا تجری أصالة عدم التذکیة ، بل المرجع هی أصالة الحلّ والطهارة‏‎[1]‎‏ .‏

وجه الضعف :‏ أنّ دخالة القابلیة فی التأثیر عبارة اُخری عن تقیید موضوع‏‎ ‎‏الحکم به . فالموضوع للحلّیة والطهارة الواقعیتین هو الاُمور الخمسة المشترط‏‎ ‎‏بالقابلیة ، وهذا المعنی المتقیّد المشترط مسبوق بالعدم ، واختلاف منشأ الشکّ‏‎ ‎‏والیقین ممّا لا یمنع عن جریان الاستصحاب .‏

‏وهـذا ممّا لا إشکال فیه ، إنّما الإشکال فی جـریان أصالة عـدم التذکیة‏

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 138
‏مطلقاً ـ بسیطة کانت أو لا ـ وهو أنّ حقیقة التذکیة التی هـی فعل المذکّی عبارة‏‎ ‎‏عـن إزهاق الروح بکیفیة خاصّة وشرائط مقرّرة ؛ وهی فری الأوداج الأربعة مع‏‎ ‎‏کون الذابح مسلماً ، وکون الذبح عن تسمیة وإلی القبلة مع آلة خاصّة ، وکون‏‎ ‎‏المذبوح قابلاً للتذکیة‏‎[2]‎‏ . وعدم هذه الحقیقة بعدم الإزهاق بالکیفیة الخاصّة‏‎ ‎‏والشرائط المقرّرة .‏

‏ولا إشکال فی أنّ هذا الأمر العدمی علی نحو «لیس» التامّ لیس موضوعاً‏‎ ‎‏للحکم الشرعی ؛ فإنّ هذا المعنی العدمی متحقّق قبل تحقّق الحیوان وفی زمان‏‎ ‎‏حیاته ، ولم یکن موضوعاً للحکم .‏

‏وما هو الموضوع عبارة عن المیتة ؛ وهی الحیوان الذی زهق روحه بغیر‏‎ ‎‏الکیفیة الخاصّة بنحو الإیجاب العدولی ، أو زهوقاً لم یکن بکیفیة خاصّة ، علی نحو‏‎ ‎‏«لیس» الناقص أو الموجبة السالبة المحمول ، وهما غیر مسبوقین بالعدم ؛ فإنّ‏‎ ‎‏زهوق الروح لم یکن فی زمان محقّقاً بلا کیفیة خاصّة ، أو مسلوباً عنه الکیفیة‏‎ ‎‏الخاصّة .‏

‏فما هو موضوع غیر مسبوق بالعدم ، وما هو مسبوق به لیس موضوعاً له .‏‎ ‎‏واستصحاب النفی التامّ لا یثبت زهوق الروح بالکیفیة الخاصّة إلاّ علی الأصل‏‎ ‎‏المثبت .‏

‏هذا ، مضافاً إلی الإشکال فی مثل تلک القضایا السالبة .‏

‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 139

  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 3 : 382 .
  • )) ثمّ إنّ سیّدنا الاُستاذ ذکر احتمالات عدیدة للتذکیة ومقابلها ، وأوضح ما هو الموضوع للحلّ والطهارة ومقابلیهما ، ولمّا کان التصدیق الفقهی محتاجاً إلی تنقیح هذه الوجوه بالمراجعة إلی مصادرها أسقطنا کلّ ما أفاده عند طبع هذه الأوراق ؛ روماً للاختصار . [المؤلّف]