المقصد السابع فی الاُصول العملیة

الروایة التاسعة‏: صحیحة عبدالرحمان بن الحجّاج

الروایة التاسعة : صحیحة عبدالرحمان بن الحجّاج

‏ ‏

‏ومن الروایات : صحیحة عبد الرحمان بن الحجّاج المنقولة فی أبواب ما‏‎ ‎‏یحرم بالمصاهرة عن أبی إبراهیم ‏‏علیه السلام‏‏ قال : سألته عن الرجل یتزوّج المرأة فی‏‎ ‎‏عدّتها بجهالة ، أهی ممّن لا تحلّ له أبداً ؟‏

‏فقال ‏‏علیه السلام‏‏ : ‏«لا ، أمّا إذا کان بجهالة فلیتزوّجها بعدما تنقضی عدّتها ، فقد‎ ‎یعذر الناس فی الجهالة بما هو أعظم من ذلک»‏ .‏

‏قلت : بأیّ الجهالتین أعذر ؛ بجهالة أنّ ذلک محرّم علیه أم بجهالة أنّها فی‏‎ ‎‏العدّة ؟‏

‏قال ‏‏علیه السلام‏‏ : ‏«إحدی الجهالتین أهون من الاُخری ؛ الجهالة بأنّ الله تعالی حرّم‎ ‎علیه ذلک ؛ وذلک لأنّه لا یقدر معها علی الاحتیاط»‏ .‏

‏قلت : فهو فی الاُخری معذور ؟‏

‏قال ‏‏علیه السلام‏‏ : ‏«نعم ، إذا انقضت عدّتها فهو معذور فی أن یتزوّجها»‎[1]‎‏ .‏

‏وجه الدلالة : أنّ التعبیر بالأهونیة فی جواب الإمام وبالأعذریة لا یناسب‏‎ ‎‏الأحکام الوضعیة ؛ فإنّ کون الجهل عذراً وموجباً لعدم التحریم الأبدی لا مراتب له ،‏‎ ‎‏فلابدّ من الحمل علی الحکم التکلیفی ؛ إذ هو الذی یتفاوت فیه بعض الأعذار ،‏‎ ‎‏ویکون بعضها أهون من بعض . فالغافل المرتکب للمحرّم أعذر من الجاهل الملتفت‏‎ ‎‏المرتکب له ؛ وإن کان ارتکابه بحکم أصل البراءة .‏


کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 82
‏وعلیه : فالروایة دالّة علی کون الجهل مطلقاً عذراً فی ارتکاب المحرّمات ؛‏‎ ‎‏وإن کان الأعذار ذات مراتب ، والجهالات ذات درجات .‏

‏وأمّا ما عن بعض محقّقی العصر ‏‏قدس سره‏‏ من تقریب دلالتها بأنّ قوله ‏‏علیه السلام‏‏ : ‏«فقد‎ ‎یعذر الناس بما هو أعظم»‏ دالّ علی معذوریة الجاهل من حیث العقوبة عند الجهل ،‏‎ ‎‏الشامل بإطلاقه للمعذوریة عن العقوبة والنکال الاُخروی‏‎[2]‎‏ ، فضعیف جدّاً ؛ لأنّ‏‎ ‎‏قوله : ‏«فقد یعذر»‏ لا یستفاد منه الإطلاق ؛ لأنّ «قد» فیه للتقلیل لا للتحقیق .‏

‏وعلی أیّ تقدیر : التمسّک بها للمقام محلّ إشکال ؛ لأنّ التعلیل بأنّه کان غیر‏‎ ‎‏قادر علی الاحتیاط یجعلها مختصّة بالغافل ، وهو غیر محلّ البحث . وإلغاء‏‎ ‎‏الخصوصیة مع التفاوت الفاحش لا یمکن فی المقام .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 83

  • )) الکافی 5 : 427 / 3 ، تهذیب الأحکام 7 : 306 / 1274 ، وسائل الشیعة 20 : 450 ، کتاب النکاح ، أبواب ما یحرم بالمصاهرة ، الباب 17 ، الحدیث 4 .
  • )) نهایة الأفکار 3 : 231 .