المقصد السابع فی الاُصول العملیة

القول فی نسیان الجزء والشرط فی العبادات

القول فی نسیان الجزء والشرط فی العبادات

‏ ‏

‏لو نسی شرطاً أو جزءً من المأمور به فهل یمکن تصحیحها بالحدیث ـ بناءً‏‎ ‎‏علی عموم الآثار ـ أو لا یمکن ؛ وإن کان المرفوع هو العموم ؟‏

واختار الثانی بعض أعاظم العصر ‏قدس سره‏‏ ، وأوضحه بوجوه :‏

‏منها : أنّ الحدیث لا یشمل الاُمور العدمیة ؛ لأنّه لا محلّ لورود الرفع علی‏‎ ‎‏الجزء والشرط المنسیین ؛ لخلوّ صفحة الوجود عنهما ، فلا یمکن أن یتعلّق الرفع‏‎ ‎‏بهما .‏

‏ومنها : أنّ الأثرالمترتّب علی الجزء والشرط لیس إلاّ الإجزاء وصحّة العبادة ،‏‎ ‎‏وهما لیسا من الآثار الشرعیة التی تقبل الوضع والرفع ، بل من الآثار العقلیة .‏

‏ومنها : أنّه لا یمکن أن یکون رفع السورة بلحاظ رفع أثر الإجزاء والصحّة ؛‏‎ ‎‏فإنّ ذلک یقتضی عدم الإجزاء وفساد العبادة ، وهو ینافی الامتنان وینتج عکس‏‎ ‎‏المقصود ؛ فإنّ المقصود من التمسّک بالحدیث تصحیح العبادة لا فسادها . هذا کلّه‏‎ ‎‏بالنسبة إلی الأجزاء والشرائط .‏

‏وأمّا بالنسبة إلی المرکّب الفاقد للجزء أو الشرط المنسی فهو وإن کان أمراً‏‎ ‎‏وجودیاً قابلاً لتوجّه الرفع إلیه إلاّ أنّه :‏

‏أوّلاً : لیس هو المنسی أو المکرَه علیه لیتوجّه الرفع إلیه .‏

‏وثانیاً : لا فائدة فی رفعه ؛ لأنّ رفع المرکّب الفاقد للجزء أو الشرط لا یثبت‏

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 45
‏المرکّب الواجد له ؛ فإنّ ذلک یکون وضعاً لا رفعاً . ولیس للمرکّب الفاقد للجزء أو‏‎ ‎‏الشرط أثر یصحّ رفع المرکّب بلحاظه ؛ فإنّ الصلاة بلا سورة ـ مثلاً ـ لا یترتّب‏‎ ‎‏علیها أثر إلاّ الفساد وعدم الإجزاء ، وهو غیر قابل للرفع الشرعی .‏

‏ولا یمکن أن یقال : إنّ الجزئیة والشرطیة مرفوعتان ؛ لأنّ جزئیة الجزء لم‏‎ ‎‏تکن منسیة ، وإلاّ کان من نسیان الحکم ، ومحلّ الکلام إنّما هو نسیان الموضوع .‏‎ ‎‏فلم یتعلّق النسیان بالجزئیة حتّی یستشکل بأنّ الجزئیة غیر قابلة للرفع ؛ فإنّها غیر‏‎ ‎‏مجعولة ، فیجاب بأنّها مجعولة بجعل منشأ انتزاعها‏‎[1]‎‏ ، انتهی .‏

وقبل الخوض فیما یرد علی کلامه نذکر ما هو المختار :

‏فنقول :‏‏ إنّ النسیان قد یتعلّق بالجزئیة والشرطیة ، فیکون مساوقاً لنسیان‏‎ ‎‏الحکم الکلّی ، وقد یتعلّق بنسیان نفس الجزء والشرط مع العلم بحکمهما ، کما هو‏‎ ‎‏المبحوث فی المقام .‏

‏وحینئذٍ فلا مانع من أن یتعلّق الرفع بنفس ما نسوا حتّی یعمّ الرفع کلا‏‎ ‎‏القسمین ؛ فإنّ المنسی قد یکون الجزئیة وقد یکون نفس الجزء والشرط ؛ فلو تعلّق‏‎ ‎‏الرفع بنفس ذات الجزء والشرط بما لهما من الآثار یصیر المأمور به ـ عندئذٍ ـ هو‏‎ ‎‏المرکّب الفاقد لهما ، ویکون تمام الموضوع للأمر فی حقّ الناسی هو ذلک الفاقد ،‏‎ ‎‏وهو یوجب الإجزاء علی ما مرّ تفصیله فی مبحث الإجزاء‏‎[2]‎‏ .‏

‏وإن شئت قلت : إنّ الحدیث حاکم علی أدلّة المرکّبات أو علی أدلّة الأجزاء‏‎ ‎‏والشرائط ، وبعد الحکومة تصیر النتیجة اختصاص الأجزاء والشرائط بغیر حالة‏

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 46
‏النسیان ، ویکون تمام المأمور به فی حقّ المکلّف عامّة الأجزاء والشرائط ، غیر‏‎ ‎‏المنسی منها .‏

‏والقول بحکومتها فی حال نسیان الحکم ـ الجزئیة ـ لا فی حال نسیان نفس‏‎ ‎‏الجزء والشرط تحکّم محض بعد القول بتعلّق الرفع بنفس ما نسوا ؛ أی المنسی علی‏‎ ‎‏نحو الإطلاق .‏

فإن قلت :‏ إنّ النسیان إذا تعلّق بالموضوع ولم یکن الحکم منسیاً لا یرتفع‏‎ ‎‏جزئیة الجزء للمرکّب ؛ لعدم نسیانها ، فلابدّ من تسلیم مصداق واجد للجزء ؛ حتّی‏‎ ‎‏ینطبق علیه عنوان المأمور به .‏

‏ولا معنی لرفع الجزء والشرط من مصداق المأمور به . ولو فرض رفعه لا‏‎ ‎‏یکون مصداقاً للمأمور به ما لم یدلّ دلیل علی رفع الجزئیة .‏

‏وبالجملة : لا یعقل صدق الطبیعة المعتبرة فیها الجزء والشرط علی المصداق‏‎ ‎‏الفاقد لهما ، ولا معنی لحکومة دلیل الرفع علی الأدلّة الواقعیة مع عدم تعلّق النسیان‏‎ ‎‏بالنسبة إلیها ، کما أنّه لا معنی لحکومته علی مصداق المأمور به .‏

قلت :‏ هذا رجوع عمّا ذکرناه أساساً لهذا البحث ؛ فإنّ عقد هذا البحث إنّما‏‎ ‎‏هو بعد القول برفع الآثار عامّة . وعلیه : فمعنی رفع نفس الجزء رفع جمیع آثاره‏‎ ‎‏الشرعیة التی منها الجزئیة .‏

‏فمرجع رفع الجزء إلی رفع جزئیة الجزء للمرکّب عند نسیان ذات الجزء ،‏‎ ‎‏ویتقیّد دلیل إثبات الجزء بغیر حالة النسیان ، ومرجع رفع جزئیته إلی کون المرکّب‏‎ ‎‏الفاقد تمام المأمور به ، و إتیان ما هو تمام المأمور به یوجب الإجزاء وسقوط الأمر ،‏‎ ‎‏ویکون بقاء الأمر بعد امتثاله بلا جهة ولا ملاک .‏

فإن قلت :‏ لو کان مفاد رفع جزئیة المنسی مطلقاً ـ حتّی بعد التذکّر‏

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 47
‏والالتفات ـ ملازماً لتحدید دائرة المأمور به فی حال النسیان بما عدا المنسی لکان‏‎ ‎‏لاستفادة الإجزاء وعدم وجوب الإعادة مجال ، ولکن ذلک خارج عن عهدة حدیث‏‎ ‎‏الرفع ؛ حیث إنّه لیس من شأنه إثبات التکلیف بالفاقد للمنسی ، وإنّما شأنه مجرّد‏‎ ‎‏رفع التکلیف عن المنسی مادام النسیان‏‎[3]‎‏ .‏

قلت :‏ قد ذکر ذلک الإشکال بعض محقّقی العصر ، غیر أنّه یظهر ضعفه بعد‏‎ ‎‏المراجعة بما حرّرناه فی مبحث الإجزاء‏‎[4]‎‏ ؛ فإنّ معنی حکومته علی الأدلّة الواقعیة‏‎ ‎‏لیس إلاّ تقیید الدلیل الدالّ علی جزئیته بغیر حالة النسیان ، أو تخصیصه بغیر هذه‏‎ ‎‏الحالة ، فلو أتی بالمرکّب الفاقد للجزء فقد امتثل الأمر الواقعی ، ولا معنی بعدم‏‎ ‎‏الإجزاء بعد امتثاله .‏

‏وبعد الوقوف علی ما ذکرنا یظهر لک : أنّه لا یحتاج إلی إثبات کون حدیث‏‎ ‎‏الرفع محدّداً لدائرة التکلیف أو متعرّضاً إلی بعد حال النسیان ، أو غیر ذلک ممّا هو‏‎ ‎‏مذکور فی کلامه .‏

إذا عرفت ذلک :‏ یظهر لک الخلل فیما نقلناه عن بعض الأعاظم ‏‏قدس سره‏‎[5]‎‏ ؛ إذ فیما‏‎ ‎‏أفاده مواقع للأنظار ، نشیر إلی بعضها :‏

منها :‏ أنّ ما هو متعلّق الرفع إنّما هو نفس الجزء المنسی بما له من الآثار ،‏‎ ‎‏وقد مرّ أنّ معنی رفعه إخراجه عن حدود الطبیعة المأمور بها ، وأمّا ترک الجزء‏‎ ‎‏فلیس متعلّقاً له حتّی یرد علیه ما أفاد من أنّ الرفع لا یتعلّق بالأعدام .‏

ومنها :‏ أنّ الأثر المترتّب علی الجزء والشرط إنّما هو الجزئیة والشرطیة ،‏

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 48
‏وهما ممّا تنالهما ید الجعل باعتبار منشأ انتزاعهما ، ولا یحتاج فی رفعهما إلی أثر‏‎ ‎‏آخر ؛ حتّی یقال : إنّ الإجزاء وصحّة العبادة من الآثار العقلیة ، کما لا یخفی .‏

‏ومنه یظهر النظر فی ثالث الوجوه التی ذکرها ‏‏قدس سره‏‏ ، فراجع .‏

‏فإن قلت : إنّما یصحّ عبادة الناسی ، ویکون المرکّب الفاقد تمام المأمور به فی‏‎ ‎‏حقّه فیما إذا أمکن تخصیص الناسی بالخطاب ، وأمّا مع عدم إمکانه ـ لأجل کون‏‎ ‎‏الخطاب بقید أنّه ناسٍ یوجب انقلاب الموضوع إلی الذاکر ـ فلا یمکن تصحیح‏‎ ‎‏عبادته .‏

‏قلت : قد ذکر المشایخ ـ قدّس الله أسرارهم ـ وجوهاً صحّحوا بها تخصیص‏‎ ‎‏الناسی بالخطاب‏‎[6]‎‏ ؛ وإن کان کلّها غیر خالٍ عن التکلّف ، إلاّ أنّ التصحیح لا یتوقّف‏‎ ‎‏علی تخصیصه بالتکلیف .‏

‏بل الأمر المتعلّق بالصلاة فی الکتاب والسنّة کافٍ فی التصحیح ؛ فإنّ الذاکر‏‎ ‎‏والناسی إنّما یقصد بقیامه وقعوده امتثال تلک الخطابات المتعلّقة بالطبیعة التی منها‏‎ ‎‏قوله تعالی : ‏‏«‏أَقِمِ الصلاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَیْلِ‏»‏‎[7]‎‏ ، والداعی إلی العمل‏‎ ‎‏والباعث نحو الفعل فی الذاکر والناسی أمر واحد بلا اختلاف فی هذه الجهة ، وإنّما‏‎ ‎‏الاختلاف فی مصداق الطبیعة ، وهو لا یوجب اختلافاً فی الأمر .‏

وبالجملة :‏ أنّ الفرد الکامل والفرد الناقص کلاهما فردان من الطبیعة المأمور‏‎ ‎‏بها ، غیر أنّه یلزم علی الذاکر إیجادها فی ضمن ذلک الفرد الکامل ، وعلی الناسی‏‎ ‎‏إیجادها فی ضمن ذلک الناقص ؛ لرفع جزئیة الجزء فی حقّ الناسی لأجل حکومة‏

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 49
‏الحدیث ، وإیجاد الفرد إیجاد لنفس الطبیعة المأمور بها ، وإیجادها مسقط للأمر‏‎ ‎‏محصّل للغرض موجب للإجزاء .‏

‏وإن شئت فنزّل المقام بما دلّ علی الاکتفاء بالطهارة الترابیة عند فقدان الماء ؛‏‎ ‎‏فإنّ باعث الواجد والفاقد إنّما هو أمر واحد ؛ وهو الأوامر المؤکّدة فی الکتاب‏‎ ‎‏والسنّة ، والمأمور به هو الطبیعة الواحدة ـ أعنی طبیعة الصلاة ـ غیر أنّه یجب علی‏‎ ‎‏الواجد إیجادها بالطهارة المائیة وعلی غیر المتمکّن إیجادها بالطهارة الترابیة .‏

‏والاختلاف فی المصداق لا یوجب تعدّد الأمر والخطاب ، ولا یوجب وقوع‏‎ ‎‏طبیعة الصلاة متعلّقاً لأمرین .‏

‏وإذا اتّضح الحال فیها : فقس المقام علیه ؛ فإنّ حدیث الرفع یجعل الفاقد‏‎ ‎‏مصداق الطبیعة ، ولا یصیر الطبیعة متعلّقة لأمرین ، ولا تحتاج إلی خطابین ، ولا إلی‏‎ ‎‏توجّهه بحاله ، ولا إلی کون المصداق هو الناقص ؛ حتّی یبحث عن إمکان اختصاص‏‎ ‎‏الناسی بالخطاب .‏

‏فقد اتّضح ممّا ذکر صحّة عبادة الناسی بحدیث الرفع .‏

ثمّ إنّ بعض أعاظم العصر ‏قدس سره‏‏ قد أیّد ما ادّعاه ـ قصور حدیث الرفع عن إثبات‏‎ ‎‏صحّة عبادة الناسی ـ بأنّ المدرک لصحّة الصلاة الفاقدة للجزء والشرط نسیاناً إنّما‏‎ ‎‏هو قاعدة لا تعاد . فلو کان المدرک حدیث الرفع کان اللازم صحّة الصلاة بمجرّد‏‎ ‎‏نسیان الجزء أو الشرط مطلقاً ، من غیر فرق بین الأرکان وغیرها ؛ فإنّه لا یمکن‏‎ ‎‏استفادة التفصیل من حدیث الرفع . ویؤیّد ذلک : أنّه لم یعهد من الفقهاء التمسّک‏‎ ‎‏بحدیث الرفع لصحّة الصلاة وغیرها من سائر المرکّبات‏‎[8]‎‏ ، انتهی .‏


کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 50
وفیه :‏ أنّ استفادة التفصیل بین الأرکان وغیرهـا مـن قاعدة لا تعاد‏‎ ‎‏لا یوجب عـدم کون حـدیث الرفع دلیلاً لصحّة عبادة الناسی ، غایـة الأمـر یلزم‏‎ ‎‏مـن الجمع بین الدلیلین تخصیص أحدهما ـ أعنی حدیث الرفع ـ بما یقتضیه‏‎ ‎‏الآخـر من التفصیل .‏

‏وأمّا ما أفاده من عدم معهودیة التمسّک به فی کلمات القوم فکفاه منعاً تمسّک‏‎ ‎‏السیّدین ـ علم الهدی وابن زهرة ـ به عند البحث عن التکلّم فی الصلاة نسیاناً ،‏‎ ‎‏وکلامهما وإن کان فی خصوص التکلّم إلاّ أنّه یظهر من الذیل عمومیة الحدیث‏‎ ‎‏لجمیع الموارد إلاّ ما قام علیه دلیل :‏

‏قال الأوّل فی «الناصریات» : دلیلنا علی أنّ کلام الناسی لا یبطل الصلاة‏‎ ‎‏ـ بعد الإجماع المتقدّم ـ ما روی عنه ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏ : ‏«رفع عن اُمّتی النسیان وما‎ ‎استکرهوا علیه»‏ . ولم یرد رفع الفعل ؛ لأنّ ذلک لا یرفع ، وإنّما أراد رفع الحکم ،‏‎ ‎‏وذلک عامّ فی جمیع الأحکام إلاّ ما قام علیه دلیل‏‎[9]‎‏ .‏

‏ویقرب منـه کلام ابن زهـرة فی «الغنیـة»‏‎[10]‎‏ وتبعهما العلاّمـة والأردبیلی‏‎ ‎‏فی مواضع‏‎[11]‎‏ .‏

‏وقد نقل الشیخ الأعظم فی مسألة ترک غسل موضع النجو عن المحقّق فی‏‎ ‎‏«المعتبر»‏‎[12]‎‏ أنّه تمسّک بالحدیث لنفی الإعادة فی مسألة ناسی النجاسة‏‎[13]‎‏ .‏


کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 51
‏وقد تمسّک‏‎[14]‎‏ الشیخ الأعظم وغیره فی مواضع بحدیث الرفع لتصحیح‏‎ ‎‏الصلاة ، فراجع .‏

ثمّ‏ إنّ ما ذکرنا من البیان جارٍ فی النسیان المستوعب للوقت وغیر‏‎ ‎‏المستوعب ، بلا فرق بینهما أصلاً ؛ لأنّ المفروض أنّ الطبیعة کما یتشخّص بالفرد‏‎ ‎‏الکامل کذلک یوجد بالناقص منه ، وبعد تحقّق الطبیعة التی تعلّق بها الأمر لا معنی‏‎ ‎‏لبقاء الأمر ؛ لحصول الامتثال بعد إتیانها .‏

والحاصل :‏ أنّ هنا أمراً واحداً متعلّقاً بنفس الطبیعة التی دلّت الأدلّة الواقعیة‏‎ ‎‏علی جزئیة الشیء الفلانی أو شرطیته لها ، والمفروض حکومة الحدیث علی تلک‏‎ ‎‏الأدلّة ، وتخصیصها بحال الذکر أو بغیر حال النسیان ، فیبقی إطلاق الأمر المتعلّق‏‎ ‎‏بالطبیعة بحالها ، ویصیر الإتیان بالفرد الناقص إتیاناً بتمام المأمور به فی ذلک الحال ،‏‎ ‎‏وهو یلازم الإجزاء وسقوط الأمر .‏

‏وکون النسیان مستوعباً أو غیر مستوعب لا یوجب فرقاً فی الحکم ؛ فإنّ‏‎ ‎‏حکومة الحدیث فی جزء من الوقت کافٍ فی انطباق ما هو عنوان المأمور به علیه ،‏‎ ‎‏وبانطباقه یسقط الأمر بلا إشکال .‏

‏وممّا ذکرنا یظهر الإشکال فیما أفاده بعض أعاظم العصر ‏‏قدس سره‏‏ ؛ حیث قال : إنّه‏‎ ‎‏لا یصدق نسیان المأمور به عند نسیان الجزء فی جزء من الوقت مع التذکّر فی‏‎ ‎‏بقیّته ؛ لأنّ المأمور به هو الفرد الکلّی الواجد لجمیع الأجزاء والشرائط ؛ ولو فی‏‎ ‎‏جزء من الوقت . فمع التذکّر فی أثناء الوقت یجب الإتیان بالمأمور به ؛ لبقاء وقته لو‏‎ ‎‏کان المدرک حدیث الرفع ؛ لأنّ المأتی به لا ینطبق علی المأمور به .‏


کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 52
‏فلولا حدیث لا تعاد کان اللازم هو إعادة الصلاة الفاقدة للجزء نسیاناً مع‏‎ ‎‏التذکّر فی أثناء الوقت‏‎[15]‎‏ ، انتهی .‏

‏وأنت خبیر بمواقع النظر فیما أفاده ، فلا نطیل بتکرار ما سبق منّا .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 53

  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 3 : 353 ـ 354 .
  • )) تقدّم فی الجزء الأوّل : 277 ـ 278 .
  • )) نهایة الأفکار 3 : 218 .
  • )) تقدّم فی الجزء الأوّل : 277 ـ 278 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 45 .
  • )) کفایة الاُصول : 418 ، فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 4 : 213 ـ 216 ، نهایة الأفکار 3 : 420 ـ 423 .
  • )) الإسراء (17) : 78 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 3 : 355 .
  • )) الناصریات ، ضمن الجوامع الفقهیة : 235 / السطر 27 .
  • )) غنیة النزوع 1 : 113 .
  • )) تذکرة الفقهاء 3 : 278 و 290 ، مجمع الفائدة والبرهان 3 : 55 و 67 و 133 .
  • )) المعتبر 1 : 441 ـ 442 .
  • )) الطهارة ، ضمن تراث الشیخ الأعظم 2 : 497 .
  • )) لم نعثر علیه .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 3 : 355 .