المقصد السابع فی الاُصول العملیة

الأمر الثالث‏: فی کیفیة حکومة حدیث الرفع

الأمر الثالث : فی کیفیة حکومة حدیث الرفع

‏ ‏

‏لاشکّ فی أنّه لا تلاحظ النسبة بین هذه العناوین وما تضمّنه الأدلّة الواقعیة ؛‏‎ ‎‏لحکومتها علیها ، کحکومة أدلّة نفی الضرر والعسر والحرج علیها ، إلاّ أنّ الکلام فی‏‎ ‎‏کیفیة الحکومة وفرقها فی هذه الموارد الثلاثة :‏

فقال بعض أعاظم العصر ‏قدس سره‏‏ : إنّه لا فرق بین أدلّة نفی الضرر والعسر والحرج‏

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 37
‏وبین حدیث الرفع ؛ سوی أنّ الحکومة فی أدلّة نفی الضرر والحرج إنّما یکون‏‎ ‎‏باعتبار عقد الحمل ؛ حیث إنّ الضرر والعسر والحرج من العناوین الطارئة علی نفس‏‎ ‎‏الأحکام ؛ فإنّ الحکم قد یکون ضرریاً أو حرجیاً ، وقد لا یکون .‏

‏وفی دلیل رفع الإکراه ونحوه إنّما یکون باعتبار عقد الوضع ؛ فإنّه لا یمکن‏‎ ‎‏طروّ الإکراه والاضطرار والخطأ والنسیان علی نفس الأحکام ، بل إنّما تعرض‏‎ ‎‏موضوعاتها ومتعلّقاتها . فحدیث الرفع یوجب تضییق دائرة موضوعات الأحکام ،‏‎ ‎‏نظیر قوله : ‏«لا شکّ لکثیر الشکّ»‏ ، و‏«لا سهو مع حفظ الإمام»‎[1]‎‏ ، انتهی .‏

وفیه أمّا أوّلاً :‏ أنّ معنی قوله تعالی : ‏‏«‏مَا جَعَلَ عَلَیْکُمْ فِی الدِّینِ مِنْ‎ ‎حَرَجٍ‏»‏‎[2]‎‏ هو نفی جعل نفس الحرج لا الأمر الحرجی . وکذا قوله ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏ :‏‎ ‎«لا ضرر ولا ضرار»‎[3]‎‏ هو نفی نفس الضرر لا الأمر الضرری .‏

‏فعلی ذلک لا یصحّ ما أفاد : أنّ الحکومة فی أدلّة نفی الضرر والحرج باعتبار‏‎ ‎‏عقد الحمل ؛ فإنّه إنّما یصحّ لو کان المنفی الأمر الضرری والحرجی ؛ حتّی یقال : إنّ‏‎ ‎‏الحکم قد یکون ضرریاً أو حرجیاً .‏

وثانیاً :‏ أنّ الحکومة قائمة بلسان الدلیل ، کما سیوافیک بیانه فی محلّه‏‎[4]‎‏ ،‏‎ ‎‏ولسان الدلیلین ـ أعنی ‏«لا ضرر ولا ضرار»‏ و‏‏«‏وَما جَعَلَ عَلَیْکُمْ فِی الدِّینِ مِنْ‎ ‎حَرَجٍ‏»‏‏ ـ متغایران ؛ فإنّ الأوّل ینفی نفس الضرر والثانی ینفی جعل الحرج ، وبینهما‏

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 38
‏فرق فی باب الحکومة ، ویأتی الکلام من أقسام الحکومة فی بابها .‏

وثالثاً :‏ أنّ الضرر والحرج من العناوین الطارئة علی الموضوعات التی وقعت‏‎ ‎‏تحت دائرة الحکم ، کالصوم والوضوء والمعاملة المغبون فیها أحد الطرفین ؛ فإنّ‏‎ ‎‏الموصوف بالضرر والحرج نفس هذه العناوین .‏

‏نعم ، قد ینسبان إلی أحکامها بنحو من العنایة والمجاز ؛ فإنّ إلزام الشارع‏‎ ‎‏وتکلیفه ربّما یصیر سبباً لوقوع المکلّف فی الضرر والحرج ، وعلی هذا فلا یصحّ‏‎ ‎‏قوله : إنّ الضرر والحرج من العناوین الطارئة علی نفس الأحکام . اللهمّ إلاّ أن یرید‏‎ ‎‏ما قلنا من المسامحة .‏

ورابعاً :‏ لا شکّ أنّ الخطأ والنسیان قد یعرضان علی الموضوع وقد یعرضان‏‎ ‎‏علی الأحکام .‏

‏فمن العجیب ما أفاده ‏‏رحمه الله‏‏ من أنّ الخطأ والنسیان لا یمکن طروّهما علی نفس‏‎ ‎‏الأحکام ، ولعلّه سهو من قلم المقرّر ‏‏رحمه الله‏‏ .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 39

  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 3 : 347 .
  • )) الحجّ (22) : 78 .
  • )) الکافی 5 : 292 / 2 ، وسائل الشیعة 25 : 428 ، کتاب إحیاء الموات ، الباب 12 ، الحدیث 3 .
  • )) الاستصحاب ، الإمام الخمینی قدس سره : 234 ـ 238 .