المقصد السابع فی الاُصول العملیة

الأمر الأوّل‏: فی بیان حالات المکلّف وذکر مجاری الاُصول

الأمر الأوّل : فی بیان حالات المکلّف وذکر مجاری الاُصول

‏ ‏

‏قد اختلفت کلمات الأعاظم فی بیان حالات المکلّف وذکر مجاری‏‎ ‎‏الاُصول‏‎[1]‎‏ ، وکلّها لا یخلو عن النقض والإبرام .‏

فإنّ ما أفاده شیخنا العلاّمة‏ وإن کان أحسن واتقن ؛ فقال : إنّ المکلّف إذا‏‎ ‎‏التفت إلی حکم : فإمّا أن یکون قاطعاً به أو لا ، وعلی الثانی : فإمّا أن یکون له طریق‏‎ ‎‏منصوب من قبل الشارع أو لا ، وعلی الثانی : إمّا أن یکون له حالة سابقة ملحوظة‏‎ ‎‏أو لا، وعلی الثانی : إمّا أن یکون الشکّ فی حقیقة التکلیف أو فی متعلّقه ، وعلی‏‎ ‎‏الثانی : إمّا أن یتمکّن من الاحتیاط أو لا‏‎[2]‎‏ ، انتهی .‏

لکن یرد علیه مع ذلک :‏ أنّه لو کان المراد من القطع بالحکم هو القطع‏‎ ‎‏التفصیلی به ففیه ـ مضافاً إلی أنّه لا وجه لتخصیصه بالتفصیلی ـ أنّ ذلک لا یناسب‏

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 9
‏مع البحث عن القطع الإجمالی فی مبحث القطع .‏

‏وإن أراد الأعمّ منه ومن الإجمالی : فیقع التداخل بین مباحثه ومباحث‏‎ ‎‏الاشتغال ، وعلیه لابدّ أن یبحث عن الشکّ فی المتعلّق ـ الاشتغال ـ فی أبحاث‏‎ ‎‏القطع لا فی أبحاث الشکّ ؛ فإنّ الشکّ فی المتعلّق یلازم القطع الإجمالی بالحکم .‏

ومنه یعلم :‏ أنّه لو أراد من الطریق المنصوب من الشارع الأعمّ ممّا عرضه‏‎ ‎‏الإجمال فی متعلّقه أو لا ، یقع التداخل بینه وبین الشکّ فی المتعلّق .‏

أضف إلی ذلک :‏ أنّه لیس لنا طریق منصوب من الشارع ، وأنّه لیس هنا أمارة‏‎ ‎‏تأسیسیة ، بل کلّها إمضائیة .‏

‏وعلی ذلک یصیر البحث عن تلک الأمارات الإمضائیة بحثاً استطرادیاً ،‏‎ ‎‏فیکون عامّة مباحث الظنّ أبحاثاً استطرادیاً ، إلاّ أن یراد بالطریق المنصوب أعمّ من‏‎ ‎‏الطرق الإمضائیة . ومع ذلک یرد علیه الظنّ علی الانسداد ، بناءً علی الحکومة . ولا‏‎ ‎‏محیص عن هذه الإشکالات وأشباهها .‏

والأولی أن یقال :‏ إنّ هذا التقسیم إجمال للمباحث الآتیة مفصّلاً ، وبیان لسرّ‏‎ ‎‏تنظیم المباحث ؛ فإنّه لأجل حالات المکلّف بالنسبة إلی الأحکام ؛ فإنّه لا یخلو بعد‏‎ ‎‏الالتفات من القطع بالحکم أو الظنّ أو الشکّ به .‏

‏والشکّ لا یخلو : إمّا أن یکون له حالة سابقة أو لا ، والثانی لا یخلو : إمّا‏‎ ‎‏أن یکون الشکّ فی التکلیف أو المکلّف به ، والثانی لا یخلو : إمّا أن یمکـن‏‎ ‎‏الاحتیاط فیه أو لا . فرتّبت المباحث حسب حالات المکلّف ، مـن غیر نظر إلی‏‎ ‎‏المختار فیها .‏

‏فلا یـرد الإشکال إلاّ التداخـل بین القطـع والشکّ فی المتعلّق ؛ فإنّـه مـن‏‎ ‎‏القطع الإجمالی .‏


کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 10
‏ویمکن أن یذبّ عنه : بأنّ ما ذکر فی مبحث القطع هو حیث حجّیة القطع وما‏‎ ‎‏یرتبط به ، وما ذکر فی مبحث الاشتغال جهات اُخر مربوطة بالشکّ ، فلا یتداخلان ؛‏‎ ‎‏لاختلاف اللحاظ .‏

‏وعلی ما ذکرناه لا یحتاج إلی تقیید الحالة السابقة بالملحوظة حتّی یرد‏‎ ‎‏علیه : أنّه من قبیل الضرورة بشرط المحمول .‏

بل الأولی فی تنظیم مباحث الاُصول :‏ أن یبحث من القطع بقسمیه فی مبحثٍ ،‏‎ ‎‏واُدرج فیه بعض مباحث الاشتغال ممّا کان الحکم معلوماً إجمالاً بالعلم الوجدانی ،‏‎ ‎‏کإمکان الترخیص وامتناعه ؛ ولو فی بعض الأطراف .‏

‏ثمّ اُردف بمبحث الأمارات ؛ سواء کانت الأمارة قائمة مفصّلاً أو إجمالاً ،‏‎ ‎‏واُدرج فیه سائر مباحث الاشتغال والتخییر ، واُدرج البحث عن التعادل والترجیح‏‎ ‎‏فی ذیل حجّیة خبر الثقة . ثمّ اُردف بمبحث الاستصحاب ، ثمّ مبحث البراءة حتّی‏‎ ‎‏یکون الترتیب حسب ترتیب حالات المکلّف ، والأمر سهل .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 11

  • )) راجـع فرائـد الاُصول ، ضمن تـراث الشیخ الأعظم 24 : 25، کفایـة الاُصول : 296 ، فوائـد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 3 : 4 .
  • )) درر الفوائد، المحقّق الحائری: 323.