الأمر الحادی عشر فی البحث المعروف بـ«الصحیح والأعمّ»

ذکر و تعقیب

ذکر وتعقیب

‏إذا أحطت خُبْراً بما ذکرنا یظهر لک الضعف فیما قد یقال‏‎[1]‎‏: من أنّ لازم ذلک‏‎ ‎‏کون شیء واحد مقرِّباً ومبعِّداً،والمبعِّد کیف یکون مقرِّباً؟! وذلک لأنـّه لو کانت‏‎ ‎‏الصلاة فی الحمّام منهیّاً عنها کانت مبعِّدة، فکیف یمکن التقرُّب بها‏‎[2]‎‏؟!‏

‏توضیح الضعف ما نذکره فی محلّه مستوفیً إن شاء الله .‏

حاصله: ‏أنّ المقرِّبیّة والمبعِّدیّة لم یکونا من الاُمور الخارجیّة العارضة‏

کتابجواهر الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 346
‏للموضوع، نظیر عروض السواد والبیاض للجسم حتّی لا یمکن اجتماعهما فی موضوع‏‎ ‎‏واحد، کما لا یمکن اجتماع السواد والبیاض فی موضوع واحد؛ بداهة أنـّه لا یمکن‏‎ ‎‏أن یقال: إنّ الجسم أبیض من حیثٍ وجهةٍ، وأسود من حیثٍ وجهةٍ اُخری، بل إذا کان‏‎ ‎‏أبیض لا یکون أسود، وکذا بالعکس، وأمّا المقرِّبیّة والمبعِّدیّة فحیث إنّهما من الاُمور‏‎ ‎‏الاعتباریّة فیختلفان بالحیثیّة والاعتبار، ویصحّ أن یکون شیء واحد محبوباً من‏‎ ‎‏حیثٍ وجهةٍ، ومبغوضاً من حیثٍ وجهةٍ اُخری کما یصحّ أن یکون محبوباً ومبغوضاً‏‎ ‎‏من جهتین، بل من جهات؛ وذلک لأنـّه لو دخل رجلان ـ مثلاً ـ فی دار عدواناً ففعل‏‎ ‎‏أحدهما فیها عملاً محبوباً لصاحب الدار؛ بأن أنقذ ولده المشرف علی الموت دون‏‎ ‎‏الآخر، فهو من حیث دخوله الدار والتصرّف فیها عدواناً مبغوض لصاحب‏‎ ‎‏الدار،ولکنّه من حیث إتیانه العمل المرغوب فیه لصاحب الدار محبوب له، فکونه فی‏‎ ‎‏الدار نفسه مبعّد من حیثٍ، وهو من حیث اشتغاله بإنقاذ ولده مقرّب.‏

‏وأمّا الرجل الآخر فدخوله فیها مبغوض صِرف، ومبعِّد لیس إلاّ، وکذا‏‎ ‎‏لوخلّص رجلان امرأة أجنبیّة من الغرق، ولکن أحدهما أخذ بردائها وأنقذها، والآخر‏‎ ‎‏أخذ بیدیها مع إمکان أخذ ردائها، فالأوّل مقرِّب من جهتین، والثانی مقرِّب من جهة‏‎ ‎‏ومبعِّد من جهة اُخری... وهکذا.‏

فتحصّل ممّا ذکرنا:‏ صحّة انعقاد النذر أو الحلف بترک الصلاة فی الأمکنة‏‎ ‎‏المکروهة؛ لاختلاف متعلَّقهما.‏

‎ ‎

کتابجواهر الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 347

  • )) قلت: إنَّ القائل بذلک هو سماحة اُستاذنا الأعظم السیّد البروجردی دام ظلّه.
  • )) اُنظر نهایة الاُصول: 56 ـ 57.